الفن التشكيلي السعودي.. رحلة من الجذور المحلية إلى المنصات العالمية

الفن التشكيلي السعودي.. رحلة من الجذور المحلية إلى المنصات العالمية
الفن التشكيلي السعودي.. رحلة من الجذور المحلية إلى المنصات العالمية

يشهد الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية تطورًا لافتًا، عكس التحولات الثقافية والاجتماعية التي مرت بها البلاد على مدى العقود الماضية.

وأصبح هذا الفن اليوم أحد أبرز أشكال التعبير الإبداعي. ومجالًا تنافسيًا يحظى باهتمام مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. فضلًا عن جمهوره الآخذ في الاتساع.

الفن التشكيلي.. من المدارس إلى المعارض

بدأ الفن التشكيلي في المملكة بشكل فعلي مع إدراج مادة التربية الفنية. ضمن المناهج الدراسية في الخمسينيات والستينيات. حيث لعبت المدارس دورًا كبيرًا في اكتشاف المواهب المبكرة.

وفي هذه المرحلة، كانت الأعمال الفنية تركز غالبًا على رسم الطبيعة والأنماط الهندسية. والزخرفة المستوحاة من العمارة الإسلامية.

كما جاءت النقلة الحقيقية عندما بدأ بعض الفنانين السعوديين بالدراسة في الخارج. حاملين معهم أفكارًا وتقنيات جديدة.

وكان من أبرز رواد هذا الفن بالمملكة، محمد السليم، وعبد الحليم رضوي، وضياء عزيز ضياء، وصفية بن زقر. الذين أسسوا لمرحلة جديدة من الإنتاج الفني المرتبط بالهوية المحلية والحداثة في آنٍ واحد.

دعم قوي

مع تأسيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في السبعينيات، بدأ الفن التشكيلي يأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا.

كما تعددت المعارض الرسمية، المحلية منها والدولية، وسعت وزارة الثقافة والإعلام سابقًا. ومن بعدها وزارة الثقافة، إلى دعم الفنانين من خلال إقامة المسابقات، وابتعاث الفنانين. وإنشاء المراسم والمراسم الحرة.

بينما تعزز هذا الدور مع تأسيس هيئة الفنون البصرية، التي جاءت كجزء من رؤية السعودية 2030. لتكون الجهة المختصة بتنظيم قطاع الفن التشكيلي وتطويره. وإبراز الفنانين السعوديين محليًا وعالميًا.

مفاهيم وهوية سعودية بصرية

كما تميز الفن التشكيلي السعودي بخصوصية فريدة، إذ لا يزال يعكس التقاليد والبيئة. مثل الصحارى، والمباني الطينية، والملابس الشعبية، والخط العربي.

وفي المقابل، يتبنى الفنانون السعوديون المعاصرون أساليب متعددة، كالسريالية والتجريدية والتركيبية. ما يدل على انفتاحهم على المدارس الفنية العالمية.

لقد أصبح التراث والهوية والمكان والمرأة محاور رئيسية للعديد من الفنانين التشكيليين السعوديين. الذين يسعون لتقديم رؤية معاصرة للمجتمع السعودي المتغيّر.

صعود المرأة في الفن التشكيلي

كان للمرأة السعودية دور بارز في الفن التشكيلي منذ وقت مبكر. حيث كانت الفنانة صفية بن زقر من أولى من أسسن لمشهد فني نسائي منذ السبعينات. تلتها أسماء بارزة مثل لطيفة حافظ، ومنى القصبي، وزهراء الغامدي، والتي مثلت المملكة في بينالي البندقية.

ويشهد الوقت الحاضر انطلاقة جديدة لعدد كبير من الفنانات الشابات اللواتي اقتحمن معارض كبرى. ومزادات عالمية، وأسسن غاليريهات فنية مستقلة.

الاتجاه للعالمية

مع تزايد الاهتمام الرسمي، بات هذا المجال يحجز له مكانًا بارزًا في معارض الفن العالمية. إذ شاركت المملكة مؤخرًا في بينالي فينيسيا، ومعرض نور الرياض، وبينالي الدرعية. وهي أحداث ثقافية كبرى جمعت فنانين من مختلف دول العالم.

كما بدأ الفنانون السعوديون يحققون حضورًا لافتًا في دور المزادات الدولية مثل سوذبيز وكريستيز، مع بيع أعمال لفنانين سعوديين بأسعار تتجاوز التوقعات.

تحديات وآفاق مستقبلية

رغم هذا التقدم، لا يزال المشهد التشكيلي يواجه تحديات، مثل نقص صالات العرض في بعض المناطق. وغياب سوق فني مزدهر يشجع على الاقتناء المحلي، والحاجة إلى زيادة الوعي بأهمية الفن في التعليم والمجتمع.

إلا أن المؤشرات تدل على مستقبل مشرق، خاصة مع التوسع في برامج التعليم الفني. وزيادة الدعم المؤسسي، وظهور جيل جديد من الفنانين الشباب الذين يستخدمون تقنيات معاصرة مثل الواقع المعزز والفن الرقمي.

كما لا يعد الفن التشكيلي في السعودية مجرد مساحة جمالية، بل هو امتداد للهوية، ومنبر يعكس التحولات الثقافية والاجتماعية التي تعيشها المملكة.

بينما من خلال الدعم المتزايد، والانفتاح على العالم، والتأكيد على خصوصية التعبير. أصبح الفن التشكيلي السعودي اليوم أحد أعمدة الحراك الثقافي الجديد، وأداة فاعلة في تعزيز الصورة العالمية للمملكة.

 

الرابط المختصر :