تضم فاكهة التوت الهندي فوائد عديدة؛ ما جعلها تحظى باهتمام الثقافات التقليدية، خاصة في جزر المحيط الهادئ؛ حيث استخدمها السكان الأصليون كغذاء ودواء على مر العصور.
وفي السنوات الأخيرة عادت هذه الفاكهة الغامضة إلى دائرة الضوء؛ لتثير فضول العلماء والباحثين حول العالم.
أصل فاكهة التوت
بحسب موقع iherb تعود أصول التوت الهندي إلى أجزاء شاسعة من شمال أستراليا وجنوب شرق آسيا، وتنمو على شجرات متوسطة الارتفاع تحمل ثمارًا غريبة الشكل.
كما تتميز بلونها الأصفر الباهت أو الأبيض الشفاف، وشكلها البيضاوي غير المنتظم. وعند قطفها تبعث رائحة نفاذة قد لا تكون مستساغة للبعض، ووصفها البعض الآخر بأنها تشبه رائحة الجبن الفاسد.
ولكن وراء هذا المظهر الخارجي المتواضع تكمن كنوز طبيعية لا تقدر بثمن. فمذاقها المر وقوامها اللزج لم يثنِ الشعوب القديمة عن استعمالها، بل اعتبروها من الهدايا التي تقدمها لهم الطبيعة.
فيما أثبتت الدراسات الحديثة أن هذه الفاكهة تحتوي على العديد من العناصر الغذائية ومضادات الأكسدة التي قد تساهم في تعزيز الصحة وتحسين نوعية الحياة.
واليوم يتم استخلاص عصير التوت من هذه الثمار، ويُروج له كمشروب طبيعي غني بالفوائد الصحية. ومع استمرار الأبحاث العلمية نتوقع المزيد من الاكتشافات حول أسرار هذه الفاكهة الغامضة، التي كانت وما زالت جزءًا لا يتجزأ من تراث الشعوب القديمة.
فوائد التوت الهندي
1- تنظيم مستويات السكر في الدم
أظهرت العديد من الدراسات دور عصير التوت في تنظيم مستويات السكر بالدم؛ ما يجعله محط اهتمام الباحثين والمصابين بمرض السكري.
كما ركزت إحدى الدراسات على مجموعة من المصابين بداء السكري من النوع الثاني؛ حيث تبين أن تناول عصير التوت الهندي بانتظام، إلى جانب اتباع نظام غذائي صحي وأخذ الأدوية الموصوفة، ساهم في خفض مستويات السكر في الدم لدى العديد من المشاركين.
بينما من أبرز النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة هو تأثير عصير التوت في مستويات “الببتيد سي”، وهو هرمون يفرزه البنكرياس مع الأنسولين. إذ لوحظ ارتفاع في مستويات “الببتيد سي” لدى المشاركين الذين كانت مستوياته منخفضة في البداية؛ ما يشير إلى تحسن في وظيفة البنكرياس وإنتاج الأنسولين.
2. خصائص مضادة للالتهابات
يعد الالتهاب المزمن أحد الأسباب الجذرية للعديد من الأمراض المزمنة التي تؤرق البشرية، بدءًا من أمراض القلب وحتى أمراض المناعة الذاتية. ورغم أنه رد فعل طبيعي لحماية الجسم إلا أن استمراره لفترة طويلة قد يؤدي إلى تدمير الأنسجة وتفاقم الأمراض.
وفي هذا السياق تشير الأبحاث العلمية إلى أن هذا العصير الاستوائي الغني بالمغذيات يحتوي على مركبات قوية تمتلك خصائص مضادة للالتهابات. ومن أبرز هذه المركبات حمض الأسبرولوسيديك والروتين، وهما مركبان يعملان على تهدئة الاستجابة الالتهابية المفرطة في الجسم.
وبالتالي فإن عصير التوت يمثل إضافة قيمة للعديد من الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مرتبطة بالالتهاب؛ بفضل محتواه الغني من المركبات المضادة للالتهابات.
ومع ذلك يجب استشارة الطبيب قبل إضافة أي مكمل غذائي إلى النظام الغذائي. خاصة لمن يتناولون أدوية أخرى أو يعانون من حالات صحية مزمنة.
3. دعم الكوليسترول
يشكل خلل شحميات الدم؛ أي ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، تهديدًا صحيًا كبيرًا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
في حين أظهرت دراسات عديدة أن عوامل مثل التدخين تساهم بشكل كبير في تفاقم هذه المشكلة، وذلك بسبب تأثيره السلبي في مستوى الالتهابات والتأكسد في الجسم.
في هذا السياق يأتي عصير التوت ليقدم لنا بارقة أمل. حيث أظهرت دراسة سريرية حديثة نتائج واعدة حول قدرته على تحسين ملف الدهون في الدم لدى المدخنين.
كما أشارت الدراسة إلى أن المشاركين الذين تناولوا عصير التوت بانتظام لمدة شهر شهدوا انخفاضًا ملحوظًا في مستويات الكوليسترول الكلي والدهون الثلاثية. وهما من العوامل الرئيسية المساهمة في تصلب الشرايين.
ولم تتوقف فوائد ذلك العصير عند هذا الحد بل امتدت لتشمل تحسين مؤشرات الالتهاب في الجسم. إذ لوحظ انخفاض في مستويات البروتين التفاعلي عالي الحساسية (hs-CRP) لدى المشاركين الذين تناولوا عصير التوت؛ ما يشير إلى تقليل الالتهاب الذي يعتبر عامل خطر رئيسيًا لأمراض القلب.
علاوة على ذلك يظهر كخيار واعد لدعم صحة القلب والأوعية الدموية، خاصة لدى المدخنين الذين يعانون من خلل شحميات الدم.
لكن يجب استشارة الطبيب قبل إضافة أي مكمل إلى النظام الغذائي.
4- خصائص مضادة للميكروبات
أظهرت الأبحاث العلمية مؤخرًا أن لعصير التوت خصائص مضادة للميكروبات واعدة، وهذا يجعله محط أنظار الباحثين في مجال الطب البديل.
وركزت دراسات على تقييم فعاليته في مكافحة الأمراض الطفيلية، ومن أبرزها داء الليشمانيات.
وهو مرض جلدي ينتشر في العديد من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. وتسببه طفيليات تنقلها لدغة ذباب الرمل المصاب. يتسبب هذا المرض في ظهور قرح جلدية مزمنة قد تؤدي إلى تشوهات دائمة. وفي بعض الحالات ينتشر إلى الأعضاء الداخلية مسببًا مضاعفات خطيرة.
ولفهم آلية عمل التوت في مكافحة داء الليشمانيات أجريت دراسات مخبرية أظهرت أنه يحفز الخلايا على إنتاج أكسيد النيتريك. وهو جزيء ذو خصائص قاتلة للطفيليات.
وبزيادة إنتاج أكسيد النيتريك داخل الخلايا المصابة بالطفيليات يتم القضاء على تلك الطفيليات بشكل فعال؛ ما يساهم في شفاء القرح الجلدية.
5- تأثيرات مضادة للغثيان
أظهرت دراسة حديثة نتائج مبشرة حول قدرة مستخلص فاكهة التوت على تخفيف أعراض الغثيان والقيء التي يعاني منها العديد من المرضى بعد الخضوع للعمليات الجراحية.
وأجرى الباحثون تجربة عشوائية على مجموعة من المتطوعين. تم تقسيمهم إلى مجموعات مختلفة وتلقي كل مجموعة جرعة محددة من مستخلص التوت قبل إجراء الجراحة.
وكشفت نتائج الدراسة عن تفوق المجموعة التي تلقت أعلى جرعة من المستخلص في الحد من الشعور بالغثيان خلال الساعات الأولى بعد الجراحة. مقارنة بالمجموعة التي تناولت دواءً وهميًا.
يشير هذا إلى أن هناك علاقة قوية بين تناول مستخلص التوت وتقليل حدة أعراض الغثيان بعد الجراحة.
الآثار الجانبية لعصير التوت
على الرغم من أن الدراسات تشير إلى أهمية تناول عصير التوت. إلا أن هناك بعض التقارير التي أشارت إلى حدوث بعض الآثار الجانبية الخفيفة لدى بعض الأفراد. مثل الإسهال واضطرابات الجهاز الهضمي.
هذه الآثار الجانبية غالبًا ما تكون خفيفة وتزول بمجرد التوقف عن تناول العصير.
تلف الكبد.. حقيقة أم خرافة؟
فيما ربطت تقارير بين تناول عصير التوت وتلف الكبد. ومع ذلك لا تقدم دليلًا قاطعًا على أنه السبب المباشر لتلف الكبد، وقد يكون هناك عوامل أخرى مساهمة في حدوث هذا التلف.
بالإضافة إلى ذلك فإن معظم حالات تلف الكبد المرتبطة بتناول عصير التون كانت حالات مؤقتة. حيث اختفى التلف بمجرد التوقف عن تناول العصير.