الصداقة بالنسبة للطفل.. علاقة تعزز الإيجابية والانتماء

"الصداقة أرض زرعت بالمحبة وسقيت بماء المودة"؛ هكذا اعتادوا القدماء وصف تلك العلاقة الإنسانية الوحيدة، التي تقوم الإنسان باختيارها، ويحتفل العالم باليوم الدولي للصداقة الموافق الثلاثين من يوليو الجاري، وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2011، واضعةً في اعتبارها أن الصّداقة بين الشُّعُوب والبُلدان والثقافات والأفراد، يمكن أن تصبح عاملًا ملهمًا لجهود السلام، وبناء قواعد الإخاء. وتعتبر الصداقة من أهم العلاقات التي تمر على حياة الطفل، وتعزز من قوة اختياراته، وتؤثر على تعامله مع الآخر طوال سنوات عمره.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة إيمان عبد الله؛ خبيرة الإرشاد الاسري، والصحة النفسية، في تصريحات خاصة لـ "الجوهرة"، أن الصداقة تعتبر شيئًا مهمًا وأساسيًا بالنسبة لكافة الأعمار، بل إن أهميتها تزداد في حياة الصغار. قالت الدكتورة إيمان إن الصداقة في حياة الطفل تعمل على تنمية الشخصية السوية، والنمو الاجتماعي السليم، حيث تعد تعبيرًا عن الحب، وذلك عن طريق اللعب والكلام المتبادل، وسرد القصص، كما تلعب دورًا كبيرًا في تنمية قدراته، ومواهبه، بينما يتعلّم مفاهيم التعاون، والعمل الجماعي، وفي الوقت ذاته؛ فهي تنمي روح المنافسة الإيجابية، فضلًا عن تعزيز أفكار التعاون، الإيثار، المشاركة، العدل، والمساواة. وأضافت خبيرة الإرشاد الأسري أن الطفل دائمًا ما يجد في الصداقة شخصًا قريبًا بنفسه، يلعب معه، وتُحرره من الصفات السلبية، التي تنتج نتيجة الابتعاد عن مفاهيم الصداقة، منها: الأنانية، والانطواء، كما تعلُمه الانتماء لأشخاص يوجد بينهم روابط قوية، قائلة: "إن الأطفال الذين يوطدون علاقاتهم بصداقات قوية هم الذين يتمتعون بطلاقة في الكلام ونطق سليم". ومن الناحية النفسية، فإن دور الصداقة يعتبر الأهم على الإطلاق، فالصداقة السليمة تعمل على تقوية الجهاز النفسي للطفل؛ حيث البُعد عن المشكلات النفسية في الطفولة، وفيما بعد حتى لا تتكوّن لديه العقد النفسية التي يعيش بها مستقبلًا، والتي تتكوّن في سنوات عمره الأولى، كما أشارت الدكتورة إيمان إلى أن الصداقة في الطفولة هي البراءة، التلقائية، والتعامل بحرية.

ووجّهت الدكتورة إيمان رسالة إلى الآباء، مشددة على ضرورة تحفيز الأبناء على تكوين صداقات مختلفة، والاندماج مع المجتمع، ومساعدتهم في اختيار الصديق الأمثل، وطرق التواصل معهم، والحفاظ على استمرارية العلاقة، منوهة بأهمية ترك الحرية حتى يختار صديقه. ومن الناحية التربوية، فإن الصداقة تشكّل العالم الخارجي للطفل، وتعمل على تعزيز روح المنافسة الإيجابية، وتدخل روح الاجتهاد إلى قلبه؛ حيث يقول علماء النفس أن الصداقة تساعد النمو النفسي، والاجتماعي، وتنمية شخصية الطفل، وتبعده عن الانعزال. واختتمت الدكتورة إيمان عبد الله تصريحاتها قائلة: "من الناحية التربوية للصداقة، تشكل العالم الخارجي للطفل"، مضيفة: "لن ننسى أهمية الصداقة أسوة بالرسول الكريم _ صلّ الله عليه وسلّم _؛ حيث كان الصحابي الجليل أبوبكر الصديق، الذي كان يصدق الرسول ويساعده، ويرافقه، ويحبه؛ فالصداقة علاقة إنسانية مؤلفة بالمعاني السامية الراقية".