المصالح المتبادلة أساس توازن العلاقات الدولية.. هل يتحكم الاقتصاد في السياسة؟

Screenshot

الهدف من إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مفيدة بين الدول وتكون نافعة لشعوبها هو مسعى أساسي في العلاقات الدولية. سواء في شكلها الثنائي أو في إطار تحالفات إقليمية أو عالمية.

فالخلفية الاقتصادية هي المفترضة وراء كل تقارب سياسي دولي. وبقدر المستوى المتميز للتوافق السياسي يكون عمق علاقات التعاون الاقتصادي وسيتحدد وفقها حجم تنوعها ومدى شمولها.وتحتل هنا المصالح مركز اهتمامات العلاقات الدولية وهي محور دورانها .

لذلك فمن طبيعة التعاون المتوازن أن يرتكز بداهة على ضمان تحقيق ما أمكن من التكافؤ في التبادل التجاري بما يلبي طبيعة المصالح بين أطرافه.

وقد لا يعني  الحرص على ضرورة ضمان التكافؤ غض البصر عن عدة اعتبارات تحدد مستوى التبادل وتحكم على مدى فعاليته بل وعلى تقييم جدواه فقد لا يملك أحد الأطراف ما يمكن تسويقه بالجودة الضرورية والنوعية المطلوبة والسعر التنافسي. وعليه ستكون عملية التبادل في اتجاه واحد لصالح من يتمتع بالقدرة الانتاجية والمميزات التصديرية  لمنتوجاته  في السوق الدولية.

وسيكون على طالبها وعلى كل من يحرص على اقتنائها الخضوع بطواعية لشروط منتجيها. وليس في الأمر ما يعد من قبيل فقدان التوازن في العلاقات التجارية ، أو الادعاء بأن شاب التعامل ما يعيب نزاهته

مصالح الدول لا تخضع للمجاملات

تتحقق المصالح إذا تمت وفق التبادل المتكافئ ،  وبغير ذلك لن تدوم طويلا، والحقيقة أن عدم التوازن في العلاقات الدولية ينشأ غالبا من وجود مشاكل كامنة تعثرت جهود حلها فشكّلت في حد ذاتها عوامل لبروز الأنانية المُفضية الىسيطرة والاحتكار وغلبة طابع الاستغلال ، في حين أن مفهوم التوازن في العلاقات يفترض بالأساس وضع حدود لضمان سيادة روح التفاهم والتوافق والاحترام المتبادل بين مصالح جميع الأطراف لتحقيق المساواة في ظل صعوبات التعامل مع تحولات الحياة والتغيرات العميقة في معطيات الظروف العالمية المتقلبة التي تفاقمت وأصبحت تهدد سيادة ومصير استقلالية قرار العديد من الدول، لذلك صارت المصلحة هي مركز الاهتمامات  والمعيار الذي يحدد العلاقات الخارجية ،والمحرك الأساسي لسياسات الدول وهي محور دوران الأحداث العالمية حيث لا مجال للتنازل عن الحقوق أو التضحية بالمنافع .

خطورة المساس بالمصالح

التبادل التجاري المتكافئ للمصالح الحيوية هو أساس توازن العلاقات بين الدول ، والمساس بالمصالح تقوّض قواعد التجارة الدولية وتعني مباشرة المواجهة.  وهذه المواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات  السياسية والعسكرية..

لذلك اتجهت الجهود إلى ضرورة إنشاء آلية لاحتوائها ومنع تفاقمها ومحاولة حلها من خلال عدة آليات تستند إلى الأسس القانونية. وأحكام القانون الدولي ، والمعاهدات الدولية لحل النزاعات ، واتفاقيات التجارة الدولية. ويتم التعامل مع مشاكل العلاقات التجارية الدولية من خلال الوسائل الآتية :

  • التحكيم الدولي ، من أكثر الوسائل شيوعا بفضل سرعته وبساطته وحياديته.
  • الوساطة،لمحاولة تقريب وجهات النظر، وإقناع أطراف النزاع بحلول سلمية مقترحة.
  • التقاضي، أمام محاكم دولية مختصة بالفصل في النزاعات الاقتصادية الناتجة عن علاقات تعاقدية أو غير تعاقدية .
  • المنظمة العالمية للتجارة ، هي أكبر منظمة اقتصادية دولية في العالم ، مقرها جنيف في سويسرا . نشئت لتضع القواعد الأساسية لتنظيم التجارة العالمية وتحريرها من كل القيود التجارية المعروفة كالجمارك والرسوم. والاجراءات الحمائية المشددة، وتقليص الواردات من السلع والخدمات وفرض قيود على تصدير بعض المنتجات.كما تهدف المنظمة إلى تطبيق سياسة الأسواق الحرة والتجارة المفتوحة بين كل الدول الأعضاء. وفرض اجراءات مراقبة شروط الالتزام بمعايير الجودة والنوعية وشروط التغليف وسلامة الشحن وبيان دولة المنشأ …

تكشف معطيات الواقع الاقتصادي عن مؤشرات حول مختلف آليات تسوية النزاعات الدولية في مجال العلاقات التجارية أنها قد تمكنت من تحقيق قدرا كبيرا من أهدافها وبلغت في أحيان كثيرة غاياتها، ولكن التعقيدات المتعلقة ببعض الأوضاع الاقتصادية العالمية أبقت على البعض من القضايا عالقة لتمثل بخطورتها قنابل موقوتة يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين .

الرابط المختصر :