لم يكن الموقف كما رأيته، هل تتذكرين المعاناة بين تحليلات العقل، ومشاعر القلب المتقلبة؟؛ من أجل التغلب على الشك الذي ساوركِ تجاه أشخاص مهما اختلفت درجة قربهم الاجتماعي منك.
ليس كل ما تراه العين حقيقيًا؛ حيث إن القلب – في الأغلب – يكون أبصر من العين، بما يشعر به من مخاوف، أو سعادة مقبلة لا يدري موعدها؛ لكن الشك في حد ذاته يعتبر من الأمراض التي يحذر منها أطباء النفس؛ حيث يتسبب في دمار حياة الشخص، نتيجة للاضطرابات السلوكية التي تنتج عنه.
ومن جهته، أوضح الطبيب الأمريكي "دايف هادسون"؛ أخصائي طب النفس، أن التغلب على الشك يتسبب في معاناة أكبر للمرأة على وجه الخصوص التي تضع كل معتقداتها وجهًا لوجه أمام كل المشاعر التي تكنها للآخرين.
وأفاد أن الشك يعتبر أحد الاضطرابات السلوكية؛ حيث يظهر أعراضه كمرض حينما يتفاقم بشدة، وقد يتطور سلبيًا ليجعل عملية التغلب على الشك صعبة للغاية بالنسبة للشخص المصاب بجنون العظمة، أو انعدام الثقة على سبيل المثال.
وأوضح أن السبب في الإصابة بداء الشك، لا يعود إلى نقاط محددة، أو خلل ما في الحياة الاجتماعية أو الظروف الاقتصادية للشخص، بل قد يذهب البعض إلى التأكيد أن أسباب هذا المرض تعد وراثية في المقام الأول.
وعن سلوكيات الأشخاص الذين يعانون من داء الشك، قال الدكتور جيفري إنهم دائمًا في وضعية الدفاع عن النفس طول الوقت، ويعتقدون بأن كل المحيطين بهم يخططون لإيذائهم، أو بمفهوم آخر، التفكير بشكل مفرط في نظرية المؤامرة.
لذا فإن هذا الشعور يعتبر خطيرًا للغاية بالنسبة للسيدات على وجه الخصوص؛ إذ يمكن أن تنتابهم العديد من الأحاسيس غير الصحيحة، بينما يمكن أن نجدهن يلقون باللوم على الآخرين دون وجه حق، وبالتالي – وبعد مرور فترة من الوقت – يجدوا أن كل علاقاتهم على المحك.
يساهم الشك في تثبيت المعتقدات الخاطئة دائمًا لدى الفرد، ودون أن يشعر فإنه يعتقد أن كل ما يتعامل معه في حياته قد يقدم على إيذائه، كما يصاب ببرودة المشاعر ما يجعله غير متعاطفًا مع الآخرين، وذلك لأنه دائمًا يشك في خيانتهم له.
إن الشخص الذي يعاني من الشك، يعد من الشخصيات كثيرة الحساسية، ولا يستطيع الاسترخاء بسهولة، بل إن الاضطراب السلوكي الذي يغلب عليه يجعله عدوانيًا، عنيدًا، وكثير الجدل.
وأضافت الدكتورة إيمان أنه حينما يصل الأمر إلى الحد المرضي بالاعتقاد الخاطئ في الآخرين، فيمكن أن نسميه في هذه الحالة "وسواسًا"، ونجد الفرد المصاب بالشك أنه يتجنب كل المحيطين به، بينما يحرص على فرض سلطته دائمًا. وبالطبع هو مصحوب بالقلق المستمر.
وأكدت: "أصحاب الشكوك المستمرة لا يصدق ولا يكذب هو بين الاثنين، وبالتالي فذلك يجعله يقع فريسة للاضطراب؛ ما يجعله يتصرف بشكل غير طبيعي بسبب شعوره بالتهديد من قبل الآخرين وبالتالي فإنه لا يستطيع التفكير بطريقة منطقية أو معتدلة؛ بل إن كل تصرفاته تعتبر مبالغ فيها للغاية، وهنا يكون الشخص بالفعل مريضًا نفسيًا"، مضيفة أن الشك يمكن أن يكون وراثيًا بسبب التنشئة الاجتماعية للفرد.
شددت الدكتورة إيمان على ضرورة زيارة الطبيب والمعالج النفسي لكل الحالات التي تعاني من مرض الشك؛ حيث يمكنهم وصف العلاج الدوائي، ودعمه بالجلسات النفسية لتعديل السلوك.
وأضافت أنه من خلال القراءة يمكنه معرفة عقول الأخرين، ويمكنه أن يسرح بخياله إلى آفاق جديدة، يمكنها أن تنزع الخوف الداخلي لديه، مشددة على ضرورة المساندة الاجتماعية، علمًا بأنها تدعم الجهاز النفسي المناعي.
استطردت الدكتورة إيمان، أن هذه الطرق السابق ذِكرها قد تم إثبات فعاليتها في نتائج نظرية خفض الشك والقلق، وذلك عن طريق التواصل المستمر والدائم، ووضع نقاط مهمة لكل إنسان مهما كانت بيئته؛ حيث إن الأسباب قد تتعد، لكن الشك واحد.
وأضافت: "يمكن تدريب الإنسان على إدارة الشك والهواجس؛ وهو ما يطلق عليه العلاج السلوكي المعرفي، ويمكنه أن يؤتي ثماره مع المصابين بالشك المرضي"، موضحة أنه يمكن اللجوء للطريقة ذاتها مع الشخصيات التي تعاني من بداية الشك؛ حتى لا تتفاقم حالتهم، وبالتالي مع التعرض التدريجي لإدارة الشكوك، يمكنها أن تعدل من السلوك، فضلًا عن العلاج الدوائي.
واختتمت الدكتورة إيمان تصريحاتها قائلة إنه يجب تجنب الاحتراق النفسي للإنسان؛ فالوقاية أفضل من الشك، وبالتالي يجب ترك سوء الظن. كما يمكن التدريب على البعد عن الهواجس باتباع العلاج، حتى يؤذي نفسه أو من حوله باختراق الحياة الاجتماعية، قائلة: "توقع الإساءة وتعامل معها لكن لا تصبح كائنًا يميل للعزلة حتى لا تتدمر طاقتك وعلاقاتك".
اقرأ أيضًا: السياحة في المنطقة الشرقية.. تجربة فريدة وممتعة