هدى شعراوي.. رائدة حركة تحرير النساء ودعم حقوقهن

هي سيدة ثارت على الظلم والقهر اللذين كانت تتعرض لهما المرأة، فضلت أن تظل مناضلة عربية لتحرير كل النساء في جيلها وفي الأجيال القادمة، وتُعد محررة المرأة وصاحبة الشرارة الأولى لحركة الوعي النسائي والحركة النسائية الوطنية في مصر.. إنها هدى شعراوي.

من هي هدى شعراوي؟

هدى شعراوي؛ من أهم السيدات الناشطات في نهايات القرن الـ19 وحتى منتصف القرن الـ20، قررت أن تُكرس حياتها من أجل الدفاع عن المرأة ودورها في المجتمع وأهميتها وحقوقها، بالإضافة إلى أهمية تواجدها في شتى المجالات.

وُلدت يوم 23 يونيو في عام 1879، وكانت تنتمي لأسرة من الطبقة العليا في محافظة المنيا بصعيد مصر، غير أنها ابنة محمد سلطان باشا؛ رئيس مجلس النواب المصري الأول في عهد الخديوي توفيق.

وعندما تُوفي والدها كانت ما زالت صغيرة؛ لذلك عاشت مع والدتها "إقبال" التي كانت فتاة صغيرة السن ذات أصول قوقازية، وزوجة والدها الأخرى.

تربت هدى ونشأت مع أخيها "عمر" في بيت والدها بالقاهرة تحت وصاية ابن عمتها "علي شعراوي"؛ الذي كان الوصي الشرعي والوكيل على أملاك والدها المتوفى، وأيضًا تزوجها فيما بعد.

كانت هدى وقتها فتاة صغيرة عمرها 13 سنة عندما تزوجت من ابن عمتها الذي يكبرها بنحو 40 سنة، ولكن لم يوجد لديها حينها خيار آخر، وإلا لجلبت العار إلى عائلتها، فهي فتاة ويجب أن تتزوج وأخذت منه لقب "هدى شعراوي".

نضالها من أجل تحرير المرأة

بفضل تعليمها واستكمال دراستها، استطاعت هدى شعراوي عدم السماح لهذا الزواج بأن يسيطر على حياتها كثيرًا؛ حيث سردت في مذكراتها بداية نشاطها لتحرير المرأة، والذي بدأ خلال رحلتها الاستشفائية بأوروبا بعد زواجها.

وحينها انبهرت كثيرًا بالسيدة الإنجليزية والفرنسية في هذه الفترة وامتيازات المرأة الأوروبية، وتعرفت على عدد من الشخصيات المؤثرة التي كانت تطالب بتحرير المرأة، وعندما عادت قامت بإنشاء مجلة «الإجيبشيان»، والتي كانت تصدرها باللغة الفرنسية.

وقررت "هدى" أن تحاول تحرير المرأة في مجتمعها أيضًا، خاصة أنها وُلدت في ظل ما يعرف بـ "عصر الحريم" في مصر.

وكان هذا العصر يسوده التمييز والفصل بين الرجال والسيدات في كل شيء حتى المنازل، ويتم منع المرأة من التعليم والظهور وكانت نادرًا ما تخرج من بيتها.

كل ذلك، جعل هدى شعراوي تطالب بتحرير المرأة وإعطائها حريتها ومشاركتها في الحياة بمختلف المجالات، خاصة أنه تم منعها من تلقي التعليم النظامي مثل شقيقها، الذي كان يحظى بمعاملة تفضيلية عنها لأنه ذكر.

ولكن بفضل أنها من طبقة اجتماعية عليا، استطاعت أن تتلقى دروسها بالمنزل، وقد شملت عدة مجالات معرفية، مثل «اللغة العربية والتركية والفارسية والخط والبيانو» ولكن بسبب أنها فتاة لم تستكمل دراستها.

وقادت ونظمت هدى شعراوي العديد من المحاضرات، كما دعت نساء لأول مرة إلى أماكن عامة من أجل حقوق المرأة ومساعدتهن في معرفة حقوقهن وحريتهن في المجتمع ودورهن المهم.

هدى شعراوي

وقامت بالمشاركة في الحياة السياسية، كما أنها قادت عددًا من المظاهرات النسائية في ثورة عام 1919، وأسست لجنة حزب الوفد المركزية للسيدات.

وأسست هدى شعراوي كذلك جمعية لرعاية الأطفال عام 1907، واستطاعت أن تنجح في إقناع الجامعة المصرية بتخصيص قاعة للمحاضرات النسوية عام 1908م، وظلت تسير في طريقها من أجل تحرير المرأة.

ثم فتحت مدرسة للبنات وقامت بتأسيس الاتحاد النسائي المصري، وناضلت من أجل أن يتم رفع سن زواج الفتيات إلى 16 سنة؛ لذلك تُعد هدى شعراوي من السيدات القليلات اللاتي أسهمن في تغيير العالم من حولهن وخاصة حياة المرأة.

وفاتها

توفيت هدى شعراوي بالسكتة القلبية في 12 ديسمبر 1947، وهي جالسة تكتب بيانًا في فراش مرضها، والذي كانت تطالب فيه الدول العربية بأن تقف صفًا واحدًا في قضية فلسطين، بعد صدور قرار التقسيم من قِبل الأمم المتحدة.

ونالت هدى شعراوي عددًا كبيرًا من الأوسمة والنياشين من الدولة المصرية خلال حياتها؛ نتيجة ما فعلته من تغيير، خاصة للمرأة؛ إذ قامت بتكريس حياتها من أجل حرية المرأة وحقوقها.

أُطلق اسمها على عدد من الشوارع والمؤسسات في مصر، تكريمًا لها على دورها المهم في المجتمع؛ إذ أصبحت المرأة بعد رحيلها متساوية إلى حد كبير مع الرجل.

اقرأ أيضًا: الروائية السعودية رجاء عالم.. رائدة الأدب المعاصر