«نيرفانا».. إتقان بلا تقنيات

تنسج هند خليفات في روايتها المعنونة بـ «نيرفانا» بمعزل عن التقنيات السردية المعهودة، حتى إنك لتتخيل وأنت تقرأها أمام رواية أصابها مس من القصة القصيرة، والحق أنه من الواضح أن المؤلفة فعلت ذلك عن قصد.

ففي حين يعمد البعض إلى الحرص على اتباع التقنيات السردية _ وهذا أمر مطلوب أحيانًا لكن من دون مغالاة _ حتى إنك لتظن أن الروائي تقني ما وليس فنانًا، في حين أن الفن الحقيقي حرث في أرض جديدة، وفتح مطلا وآفاق لم تفتح ولم تطأها قدم من قبل.

وفي هذا السياق، أشار الكاتب والروائي هزاع البراري؛ أمين عام وزارة الثقافة، في تأويله لرواية «نيرفانا»، إلى أن الرواية هي مساحة للأسئلة أكثر ما تكون مساحة للإجابة، معتبرًا أنه «من الجميل أن نكون في اللايقين؛ لأن اليقين جدار يحد من الفكر والوجدان ويمنع الإبداع».

وأضاف أن اللغة هي البطلة الأساسية في هذا العمل، وكانت ذات حضور طاغي في الرواية، وهذه اللغة هي نوع من التمرد وكسر التوقع وتوظيف لغة الإعلام والعلم والأحياء والاقتصاد والجيولوجيا والكثير من العلوم التي وفدت ودخلت إلى الرواية وتحولت إلى كيان شعري.

وأشار «البراري» إلى غياب الأم في الرواية كما هو المكان، في المقابل حضرت الجدة بشكل واضح، مبينًا أن هنالك في اللاوعي "قصدية" في تغييب المكان الذي نتعامل معه كأم وتغييب الأم التي نتعامل معها كمكان"، وربما جاء ذلك هربًا إلى الأمام؛ خوفا من الفقد ووجعه.

وأشار إلى أن المفارقة ما بين تغييب المكان وتغييب الأم، وضع الرواية في منطقة من التحليل النفسي، وإشارة إلى أن الشخصية تشظي كل شيء ولا تنتمي لشيء.

وختم البراري حديثه، بأن رواية «نيرفانا» تمتاز بأنها سلسة ورقيقة ويتم قراءتها بسرعة، ولكنها متلبسة بروح القصة القصيرة وهي أقرب ما تكون إلى "النوفيلا".

من جانبها أشارت، هند خليفات، في تصريحات صحفية، إلى أنها عندما بدأت في كتابة رواية نيرفانا، عاهدت نفسها على كتابة عمل تستمتع هي به أولا وعمدت على ألا تكون رواية طويلة تدعو إلى الملل.

ولفتت إلى الدهشة التي تصنعها الرواية، والأسئلة التي تثيرها، والاقتراب الذي تربطه مع الكاتب وأحيانًا بالابتعاد عنه، مشيرة الى أن علاقتها بالزمان أقوى من المكان، معللة ذلك بأن المكان هو أحاسيس.

وذكرت أنها عملت على حياكة روايتها كما تطرز الجدات أثوابهن بإتقان بدون تقنيات، لكن فيها سحر، موضحة أنها لا تدعي كتابة عملها بتقنية الرواية، وإنما كحالة أرادت بها أن تذهب بعيدًا وأن تبقى خارج الوصف بعيدة عن التقنيات.

وجاء على غلاف «نيرفانا» "تنسج هند خليفات روايتها التي لا تشبه معظم ما قرأت من أعمال روائية، رواية الدهشة التي ستجد فيها جزءًا من حياتك أنت أو ربما حياتها هي، حياة حدثت أو ستحدث، ستسمع أصوات أبطال الرواية وستميز عددًا منها قد سمعته من قبل وتعرفه جيدًا، وبشغف ستتبع أحداث الرواية التي كتبت نفسها بين بيروت، الهند، البترا والسويد".

"هند خليفات، وحدها التي تملك الجرأة على جذب الشخوص من رحم الخيال للواقع حتى تبدو الرواية مثل كائن حي يظهر وقت حاجتها لقبلة الحياة عندما يشح الهواء الطلق".

يشار إلى أن «نيرفانا» هي الرواية الأولى للكاتبة والفنانة التشكيلية الأردنية هند خليفات، وقد صدرت حديثًا عن دار ورد في عمان، بدعم من وزارة الثقافة.

وكان قد صدر لخليفات من قبل كتابين في الأدب الساخر: "اعترافات امرأة لا تجيد لَفّ الدوالي"، عام 2009، و"نسوان 2/1 كوم"، عام 2011، وتجمع بين موهبة الرسم والكتابة.

اقرأ أيضًا: عبد المجيد عبدالله.. هكذا بدأ مسيرته الذهبية ولمع في سماء الطرب