معرض «الحنين».. الوقوع في فخ الذكريات

اختتمت، خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فعاليات معرض «الحنين» للفنان مصطفى رحمة، والذي احتضنه جاليري بيكاسو بالقاهرة.

وطرح الفنان «مصطفى رحمة» في هذا المعرض ثيمة ليست غريبة على الفن عمومًا وهي ثيمة الحنين، لكنه يقاربها، وربما هذا ما يميز طرحه، وفق منحى أقرب إلى الضجر. نحن نفهم أن الحنين أو النوستالجيا، في معناها الفلسفي الأعم، مدعاة ألم وشقاء.

ولعل هذا هو ما قصده ميلان كونديرا؛ حين قال في روايته «الجهل»: «النوستالجيا هي، إذًا، المعاناة الناتجة عن الرغبة غير المشبعة بالعودة».

منبع الألم _ أو الضجر لو قاربنا المسألة وفق زاوية الفنان «مصطفى رحمة» _ هو جهلك بحال الموضوع أو الشخص الذي تحن إليه، و«الحنين هو ألم الجهل» كما قال ميلان كونديرا في استبصار لافت.

غير أن الأمر الأساسي الذي يتوجب علينا لفت الانتباه إليه إبان تناولنا لمعرض الفنان مصطفى رحمة، أن الحنين لا يعني الرغبة في العودة إلى ما فات، وإنما العودة إليك أنت نفسك، إلى إحساسك، مشاعرك في الماضي. باختصار إلى نسختك في الماضي.

معرض الحنين

وقد حاول الفنان «رحمة» أن يلفت انتباهنا عبر أعماله المعروضة في هذا المعرض إلى أن الحنين قرين الوحدة؛ فلا يحن إلا من كان وحيدًا، فقد رأينا شخصيات وحيدة مملوءة بالضجر في معظم اللوحات، لكن هذه الشخصيات، وأغلبها نساء، أغرقت نفسها في تفاصيل من نوع جديد: مجموعة ورد على الطاولة، تدخين السجائر، الانهماك في تأمل دمية ما وهدهدتها.. إلخ هذه الموضوعات التي رافقت شخصيات مصطفى رحمة.

وربما هي دلالة على أن الوحيد يحاول _ على طريقة توم هانكس في فيلم Cast A way _ أن يستعيض عما فات بشيء جديد، قد يكون الاستغراق في التدخين، أو الانخراط في الحديث إلى دمية أو النظر إليها.

معظم الشخصيات هنا _ رغم استغراقها في عوارض ثانوية كما قلنا _ ذاهلة عن واقعها، عن حاضرها، فـ «الحنين» أخذ بمجامع قلبها وكيانها إلى ما فات، أن تحن هو أن تعلق في الماضي، أو أن تسحب الماضي إلى/ على الحاضر.

يُشار إلى أن الفنان مصطفى رحمة من مواليد عام 1952م، وقد شارك في عدد لا يحصى من المعارض الجماعية والفردية، سواء في وطنه مصر أو في الخارج.

ونشر رحمة العديد من الكتب للأطفال التي نال عن بعضها جوائز، كما حصل على العديد من الجوائز الأخرى بما في ذلك جائزة الأمير فيصل بن طلال (1992)، وجائزة القطاع الثقافي في الشارقة (1994)، جائزة المركز الثقافي (1996)، وقد تم اقتناء بعض أعماله على الصعيدين المحلي والخارجي.

اقرأ أيضًا: فيديو| السعودي «عبدالرحمن عبدالكريم» يبتكر طريقة الرسم على البخار