محمد عساف.. وفصل جديد في رحلة النجاح

كتبت - لمياء حسن

لم يُحقق الفنان الفلسطيني الشاب محمد عساف؛ رقمًا قياسيًا، فحسب، في أعداد مشاهدات أغنيته التي حملت عنوان "مكانك خالي" _ والتي تغنّى فيها باللهجة العراقية _ فقط، بل إنها تركت بصمتها على العديد من المسارح العريقة، وتعد بضرب مواعيد جديدة مع الجاليات العربية في بلدان الاغتراب.

محمد عساف يسطر التاريخ

كتب محمد عساف؛ فصلًا جديدًا على صفحات نجاحه الكبير، بعد الانتشار الساحق لأغنيته "مكانك خالي"؛ حيث إنه الفتى الفلسطيني الذي استطاع أن يأسر القلوب لتنبض هاتفة باسم "محبوب العرب"منذ أعوام، وتشهد معه رحلة تحليقه في المحافل الدولية؛ ليعلو براية بلاده، مؤكدًا أن رسالة الفن تتخطى الحواجز كافة، وتحطّم كل الحدود الجغرافية، من حفلات ناجحة يعود ريعها لأهالي غزة، أو اتخاذ قصته إلهامًا لواحدٍ من الأفلام التي وجدت طريقها إلى السينما العالمية، أو الاهتمام بدوره المجتمعي، كونه سفير الإنسانية، الأمر الذي جعله واحدًا من أكثر الشباب تأثيرًا في الوطن العربي.

محطات مؤثرة

كانت محطات عساف؛ تتبدّل معتمدة على اللقب الذي أحرزه، فضلاً عن موهبته وأخلاقه التي جعلته ابنًا لكل بيت عربي، يهتمون بأخباره، ويسعدون بإنجازاته؛ لكن الشاب الفلسطيني لم يتهاون في تعامله مع النجومية، رغم تسخيره لها من أجل خدمة قضايا وطنه دون الوقوع في فخ المتاجرة بها، وتسليط الضوء على معاناة شعبه، ورغبته في الغناء، وتمسكُه بالأمل في وجه التحديات التي يواجهها، الأمر الذي عزز من صعوبة موقفه كنجم بين كبار فناني الوطن العربي؛ خاصة أنه حرص على تقديم فن لائق.

اقرأ أيضًا: “بصراحة”.. اللهجة العراقية تكتب ميلادًا جديدًا لموهبة محمد عساف

الطريق إلى النجاح

لم يكن طريق عساف؛ مفروشًا بالورود، فالفنان الذي قدّم ألبومين والعديد من الأغنيات المنفردة مع شركة الإنتاج "Platinum Records"، أبحر في عالم اللهجات العربية، مزيحًا الستار عن بزوغ نجمٍ جديد في عالم الأغنية الشبابية. وبين نجاح كبير، وآخر متواضع، وغيره من الأعمال التي ظُلمت وأُهدر حقها، كان لبّى نداء الجماهير العاشقة لصوته، من غناء "المصرية، اللبنانية، والخليجية"، وصولًا إلى نمط الراي.

 

ولكن عساف؛ وجد النجاح الساحق في اللهجة العراقية، عندما قدّم "مكانك خالي"، والتي مهّدت إلى تحقيق الرقم القياسي في أعداد المشاهدات عبر موقع يوتيوب للفيديوهات العالمي؛ إذ إنه النجم الفلسطيني الأول الذي يُحقق أكثر من مائة مليون مشاهدة، ومن ثم؛ فقد كانت الشرارة لانطلاقه بسرعة صاروخية، نحو النشاط الفني الذي يستحقه نجم بموهبته.

موسم صيفي حافل

بدأ عساف الموسم الصيفي الحافل، بحفلاته في العاصمة الألمانية "برلين"؛ حيث جمع الشتات، وتم تكريمه في محفل دولي جديد، بعدما أبهر الحضور بصوته في العديد من الأغنيات الناجحة، والتي تكتسب جمالاً مع مرور الوقت.

لم تقف رحلة عساف الصيفية هذا العام، حتى أعادت اللقاء بالجماهير المغربية، تحت فضاء النهضة بالعاصمة "الرباط"، ضمن فعاليات مهرجان موازين "إيقاعات العالم"، في حفل حقق تفاهمًا جيدًا وكوّن رابطة متناغمة مع الجماهير التي تخطى عددها عشرات الآلاف، حتى يقف على مسرح جرش الأثري بالمملكة الأردنية، التي طالما تحتفي به بطريقة أسطورية، تُظهر دقات القلوب العاشقة له، من نبرات الأصوات التي تعالت بالغناء معه.

الاحتفاء بالعندليب

كانت بلاد الأرز احتفلت بالعندليب الأسمر "عبدالحليم حافظ"؛ لكنه الحفل الذي أهداه للتاريخ، حتى يكتب بحروف من نور اسم "محمد عساف"؛ الذي لم يتألق فقط بالغناء للفنان المصري الخالد، بل إنه أظهر قدرة صوتية فائقة على استيعاب أغنيات حليم الصعبة، فضلاً عن احترامه لرمز من أرقى رموز زمن الفن الجميل.

وفي أمسية استثنائية، وقف عساف على خشبة المسرح ضمن فعاليات مهرجان بعلبك الدولي، رافعًا صوت الفن الذي يتغلغل إلى الصدور كالسهم الذي يعرف هدفه، ويصيبه بدقة.

الحفل الأول في العراق

ومع إطلاق أغنيته العراقية الجديدة "بصراحة"، كان موعد اللقاء الأول بين الأحباء حان؛ فرغم إتقانه تفاصيل اللكنة الصعبة، إلا أن عساف؛ لم يلتق جمهوره بالعراق قط؛ لكنها كانت اللحظة الحاسمة التي تغلّب عليها الفنان الفلسطيني الشاب بنجاح؛ حيث أبدع في حفله الأول هناك، وتم تكريمه في نادي اليرموك الترفيهي بالعاصمة "بغداد".

عودة إلى فلسطين

ومن المقرر أن يعود عساف؛ إلى مدينة الروابي في فلسطين؛ حتى يجدّد اللقاء مع محبيه في أمسية تتغنّى بحب الوطن، في الثالث والعشرين من أغسطس الجاري، واعدًا إياهم بالمزيد من المفاجآت، خاصة بعد انتهائه من غناء شارة مسلسل جديد من توقيع الموسيقار ميشيل فاضل، والشاعر نزار فرنسيس، الذي سبق له التعاون معهما في ألبومه الأول، علمًا بأنها تعتبر التجربة الثانية لعساف في غناء شارات المسلسلات الدرامية بعد "صديقاتي العزيزات".

صوت حر

فصل جديد للطائر الحر الذي تمكن من جذب أنظار العالم إليه، مع تألقه في اللهجة العراقية؛ لكن لهجته الأم ما زالت تتصدّر المشهد بنجاح، فلا تخلو حفلة له من "علّي الكوفية"، تلك الأغنية التي بات يحفظها الصغير قبل الكبير، مع لمسات إبداعية من كل اللهجات، وفن ينحني احترامًا للزمن الجميل، وتهافُت جماهيري أمام كاريزما أخاذة.

تجاوز محمد عساف العام السادس بعد فوزه بلقب "محبوب العرب"، وما زال الشاب، الذي حثّ الجميع على التمسًك بالأمل، حاملًا غصن الزيتون أينما حلّ، وساعيًا للتفوٌق على نفسه مع كل عملٍ جديد، ورغم كل شيء، ما زال الإنسان المتواضع الذي خلب الألباب.

اقرأ أيضًا:

أحدثهم “محمد عساف”.. نجوم تألقوا في طرح الأغنية العراقية الحديثة