الأديبة مريم الموسوي مؤسس صالون الرواية في الكويت: أجد في روحي توقًا لتسليط الضوء على معاناة الآخر

 كاتبة شابة، شغوفة بالقراءة منذ الصغر كعادة أغلب الكتّاب، لكنها، وعلى خلاف الموجة الأدبية العربية في الحقبة الراهنة، شغلت نفسها بالآخر وبمعاناته، وبكشف طرائق وجوده وشروط عيشه في ظل هذه المعاناة وذاك الألم.

إنها الكاتبة الشابة مريم الموسوي؛ التي أسست مؤخرًا “صالون الرواية”في الكويت، والتي يلمس القاريء في أدبها، الذي لا زال في بواكيره، إيمانًا بالإنسان وبشروط عيشه، ويجد فيه التزام الكاتب بقضايا مجتمعه، محاولًا شرح هذه القضايا وأخذ موقف منها.

التقت “الجوهرة” بالكاتبة “مريم الموسوي”، وكان لنا معها الحوار التالي:

 أغلب النوادي الأدبية تركز على الروايات العالمية فقط

ـ أنتِ رئيس أول صالون للرواية في الكويت، رغم كونها تزخر بالعديد من بيوت الأدب والشعر، حدثينا عن الجديد الذي يحمله ويعد به هذا الصالون؟

 

لا يهتم (صالون الرواية) بالرواية وحسب، بل بالكاتب نفسه، فأغلب النوادي

الأدبية تركز على الروايات العالمية، والتي فارق كُتابها الحياة منذ زمن..

في (صالون الرواية) نريد الخروج عن فكرة الاحتفاء بالكاتب بعد وفاته، وذلك بتسليط الضوء عليه، والاستفادة من خبراته في الكتابة، بالإضافة إلى الإطلّاع على رؤيته وفلسفته الخاصة.

ـ ما هي رسالة “صالون الرواية” وأهدافه؟

في (صالون الرواية) يتم إجراء حوار مفتوح مع الكاتب حول رواية من رواياته وتجربته في الكتابة بشكل عام، الأمر الذي يفتح مجالًا لتبادل الخبرات بين

القاريء والكاتب، ولا يخفى على أحد أن النقاش الثقافي يوسع المدارك، ويطوّر الخيال، وهما أداتان أساسيتان من أدوات الكتابة، كما أن الانفتاح على قراءات مختلفة للرواية ذاتها يطوّر مهارة القراءة التحليلية لدى الحضور.

بالنهاية يهدف الصالون إلى أن تعم الفائدة على جميع الرواد.

ـ ما هي شروط الانضمام إلى هذا الصالون؟ وما هي الفوائد التي سيحصل عليها المنتمون إليه؟

بالنسبة للشروط: هو صالون مفتوح للجميع، لا توجد متطلبّات معيّنة، ما عدا الاهتمام بالأدب والرواية بشكل خاص والجديّة والرغبة في التطوير.

والفائدة، نتمنى، كما بيّنا سابقًا، أن تعود على الجميع.

أجد في روحي توقًا لتسليط الضوء على معاناة الآخر

ـ ينطوي عملك “الحب.. إلى أين؟” على ثيمة وجودية واضحة جدًا، وهي وضع كل فرد أمام خياره، وتركه يتحمل نتيجة هذه الخيار، على نحو ما شرح “سارتر” في “الوجودية نزعة إنسانية”، هل تتبعين تعاليم هذه الفلسفة؟ وما مدى وجود “الأدب الوجودي” على الساحة الكويتية؟

 في الحقيقة على الرغم من كوني لا أختلف مع “سارتر” في كون الوجودية نزعة

إنسانية، إلّا أنني أهتم بالقضايا الإنسانية التي تشغل واقعنا المعاصر، مثل الفقراء وضحايا الحروب، وقد يكون لي إصدار مهتم بهذه الفلسفة مستقبلًا، لكن في الوقت الحالي أجد في نفسي ميلًا لهذا النوع من القضايا.

على الرغم من أن (الأدب الوجودي) يشغل الكثير من الزملاء والزميلات في

الكويت، ولعل أبرزهم الروائية بثينة العيسى؛ والتي طرحت أسئلة وجودية واضحة في روايتها (خرائط التيه)، إلا أنني أجد في روحي توقًا لتسليط الضوء على معاناة الآخر أكثر من التعرض لفِكره وفلسفته.

لاحظت أن مؤلفيك “الحب.. إلى أين؟”، و”في رثاء الياسمين” ينطويان على قصص حب، وإن كان بعضها مختلف عن بعض، فما المغزى من استخدام هذه الثيمة “الحب” في الصنعة الروائية؟

الحب و إن كان قضية بحد ذاته، إلا أنه داعم لأي فكرة تود طرحها.

الحب عاطفة مُلامسة تجعل التأثير في الآخر أسرع وأسهل، فمن أجل وصول صوتك في قضية معينة من وجهة نظري، فالأفضل تغليفها بالحب للوصول إلى روح القاريء، ومتى ما لامست كلماتك جوارح الآخر تصل إليه بشكل أسرع.

الانتقال من القراءة إلى الكتابة هي تحوّل من دور المتلّقي إلى دور المتحكم

ـ حدثينا عنكِ، وعن نشأتك، وتجربتك مع الكتابة؟

دائمًا أقول أن القراءة هي البداية، كنتُ قارئة نهمة منذ الصغر، وهذا شيء مُستفز للكتابة.

القراءة تخلق لديك الرغبة في خلق عالمك الخاص، طرح مشكلة وتعقيدها، تحريك الشخصيات، وحل عقدتك بطريقتك أنت.

إن الانتقال من القراءة إلى الكتابة، هي تحوّل من دور المتلّقي إلى دور المتحكم.

بدايتي مع الكتابة كانت مع روايتي الأولى (الحب..إلى أين؟) سنة ٢٠٠٧، ومنها بدأت مسيرتي الكتابية.

قضيتي هي المعاناة والألم

ـ قلتِ ذات مرة ” أنكِ صوت من لا صوت لهم”، حدثينا عن أبرز ما يحمله أدبك من قضايا، وعن رسالته وأهدافه؟

نعم، الأدب هو فن استخدام الكلمة، وهذه الكلمة قد تكون للمتعة، ولكنني أراها سلاحًا خطيرًا، الأدب رسالة، وقضية مريم الموسوي هي المعاناة، الألم بأنواعه، أوجاع الفقراء، خيبات الحب، ضحاياالحروب، وخذلان الأم أو الأب، عجز المرضى وغيرها.

لا يمكن حصر المعاناة، و لكن بإمكان من يملك سلاح الكلمة أن يوجهها ليلفت نظر العامة الذين باتوا يمضون سريعًا، تماشيًا مع الزمن- إلى آلام تمر بهم يوميًا ولا تسرق انتباههم.

أريد أن أطلب من هذا العالم أن يتمهل قليلًا ويتمعن طويلًا في معاناة الآخر، لربما مدّ أحدهم يد العون.. لربما كنّا صوت ذلك المظلوم الذي عجز عن إيصال صوته فتخدمه كلماتنا في التقليل من معاناته.

الكويت رائدة في إتاحة الفرصة للنساء للتعبير عن ذواتهن عبر الكتابة

 ـ تتمتع الكويت بحركة أدبية وثقافية كبيرة، ما هي أبرز اتجاهات الأدب النسوي هناك؟

الكويت كانت ولا تزال رائدة في إتاحة الفرصة للنساء للتعبير عن ذواتهن عبر

الكتابة، فمنذ الستينات والسبعينات، كان هناك أقلام نسائية بارزة كالأستاذة ليلى

العثمان، وفي الوقت الحالي هناك الكثير من الملتقيات الثقافية التي تُدار من قبل المرأة، مثل صالون الرواية، كما أن مجلس إدارة رابطة الأدباء الكويتيين يحتوي على ٣ نساء من أصل ٧ أعضاء، وذلك إن دل على شيء إنما يدل على الدور البارز للمرأة في الساحة الأدبية في الكويت.

الرواية التزام لمدة تُحسب بالسنوات

 ـ تكتبين القصة القصيرة والرواية في نفس الوقت، وبين هذين الضربين من الكتابة تباين كبير، وكلاهما يتطلب استعداد وجداني معين، أخبرينا كيف تتمكنين من ذلك؟

القصة القصيرة هي حالة وجدانية تمرّ في لحظة معينة، تتطلب كتابتها ما يقارب اليوم، أما الرواية فهي قرار بتطوير حدث معين بتفاصيله الصغيرة إلى رواية كاملة، هي التزام لمدة تُحسب بالسنوات.

وهذا لا يجعل القصة القصيرة أسهل من الرواية، فأنت بالقصة القصيرة بحاجة إلى التكثيف، وهي عملية معقدة تحاول من خلالها إيصال المعلومة دون خسارة التفاصيل المهمة أو الاسهاب في أخرغير مطلوبة في القصة القصيرة.

وبالنسبة لي أحاول دائمًا عند كتابة الرواية التفرغ لها، فأنت مشغول بشخصياتها وظروفهم النفسية وأحداثها المعقدة، ولكن خلال هذه المدة قد يلفتك حدث معين لكتابته في قصة، حينها من الأفضل التحرر من حالة القلق المصاحبة للرواية وتصفية الذهن للدخول في جو كتابة القصة.

ـ ما هي الأعمال الأدبية الحالية التي تشتغلين عليها؟

للأمانة بعد رواية (مقهى البسطاء)، أنا في حالة توقف نوعًا ما.

كتبت بعض القصص القصيرة، ولكن كعمل أدبي يرى النور قريبًا سيتطلب ذلك بعض من الوقت.