لينه خالد آل معينا عضو مجلس الشورى: تحقيق النهضة لا يتعارض مع هويتنا والحفاظ على ديننا ولغتنا العربية

جدة:ـ هند حجازي

أثبتت المرأة السعوديَّة قدرتها على إبهار العالم بنجاحاتها وطموحاتها، في شتَّى المجالات. ومن قصص النجاح سيِّدة أثبتت أنَّ الطموح والموهبة ليس لهما حدٌّ. حصلت على البكالوريوس في مجال وسائل الاتِّصال، من جامعة جورج مايسون (فرجينيا) الأمريكيَّة، ثم ماجستير علم النفس من الجامعة الأمريكيَّة بلندن، واهتمت بالرياضة، فأصبحتْ أوَّل سعوديَّة تضع بصمتها في تسلُّق "قمة إيفرست"، وأيضًا في الرياضة النسائيَّة بالمملكة؛ حيث أسَّست شركة خاصَّة بإدارة الفعاليَّات الرياضيَّة، فنشرت الثقافة الرياضيَّة ولاسيما النسائيَّة، فكونت وترأست أوَّل فريق نسائي لكرة السلة، وأسَّست أكاديميَّة رياضيَّة، باسم "جدَّة يونايتد"؛ لتدريب وتأهيل البنين والبنات، وذوي الاحتياجات الخاصَّة في مجال الرياضة، ومنها دخلت مجال إدارة الأعمال، ثم في عام 2016م، وقع عليها اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لتكون عضوًا بمجلس الشورى.. إنها سيدة الأعمال لينه خالد آل معينا؛ نموذج التحدِّي والعزيمة في عالم الرياضة، التي كان لـ "الجوهرة" هذا الحوار معها:

عضو مجلس الشورى، سيِّدة أعمال، أوَّل سعوديَّة تدعم الرياضة النسائيَّة، أي الألقاب أقرب إليك؟ وأين تجدين نفسك؟

قبل كل الألقاب، أنا مواطنة سعوديَّة، أم وابنة وحفيدة وأخت وصديقة، أجد نفسي في كل هذه الأدوار والوظائف، وفق ما تتطلَّبه الحاجة.

ما سرُّ حبّكِ للرياضة؟ وهل توقعتِ النجاح فيها؟

حبي للرياضة بدأ من تشجيع والدي، وممارستي لها؛ كوني خريجة مدارس سعوديَّة خاصَّة، فكان لنا مدرِّبات وبرامج جميلة ومتنوِّعه، بالإضافة إلى تأثري بعددٍ من الشخصيَّات الرياضية العالمية المسلمة؛ مثل: محمد علي كلاي، الذي أتى إلى المملكة لأداء العمرة، وعمران خان بطل العالم في الكريكت والذي يتقلد حاليًّا منصب رئيس الوزراء، وجهانكير خان؛ بطل العالم في الإسكواش.

انضممتُ إلى اتحاد الطلبة المسلمين، وتأثَّرتُ بلاعب السلة الأمريكي حكيم اليجوان، الذي كانت أعلى إنتاجيَّة له في الدوري الأمريكي وهو صائم في شهر رمضان؛ ما أثار ضجَّةً كبيرةً في الإعلام الأمريكي، بالإضافة إلى أثر الرياضة عليَّ شخصيًّا، وعلى كلِّ مَن في أكاديميَّة (جدة يونايتد) و(الرياض يونايتد) الأثر الإيجابي النفسي والاجتماعي؛ كون الجسم يفرز هرموني السعادة (السيراتونين، والأندرفين)؛ ما يؤدِّي إلى التوازن العاطفي، خاصَّة إذا كان في منظومة إيجابيَّة تربويَّة عالية.

الرياضة النسائيَّة بالمملكة

كيف تجدين مستقبل الرياضة النسائيَّة في المملكة؟

مستقبل الرياضة الآن في مرحلة هيكلة؛ وهو شراكة ما بين الهيئة العامَّة للرياضة، والاتحادات الرياضيَّة، والمجموعات الرياضيَّة، والأفراد، والشركات بالإضافة إلى الإعلام الرياضي المحلي.

عضويَّة مجلس الشورى، هل ساعدتكِ على تحقيق حلمكِ؟

نعم، ساعدتني عضويَّة مجلس الشورى على تحقيق كثيرٍ من القضايا التي كنتُ أطالب بها، سواء إعلاميًّا؛ مثل: دخول رياضة البنات المدارس الحكوميَّة، أو حرصنا على الحفاظ على التراث الإسلامي كمجرى عين زبيدة، أو استخدامنا للبلاستيك القابل للتحلُّل في سُقيا زمزم؛ حيث نستخدم ٣ ملايين كأس بلاستيك يوميًّا، وهي قرارات تحقَّقت من خلال مجلس الشورى مباشرة، أو من حراك المجلس.

ما أحدث قضيَّة طالبتِ بها في مجلس الشورى؟

أحدث قضيَّة طالبتُ بها، كانت فتح حضانات في الأجهزة الحكوميَّة للمرأة العاملة، أسوة ببرنامج "قرة" للقطاع الخاص، وتوصية تمكين المرأة في المناصب القياديَّة، ووضع نسبة ٣٠٪ لتمثيل المرأة في البلديَّة مع عدد من الزميلات؛ مثل: د. نورة المساعد، ود. لطيفة الشعلان، ود. عالية الدهلوي.

ماذا يعني لك تاريخ 3 ربيع الأول 1438هـ؟

هذا التاريخ يعني لي شرفًا وأمانةً ألتحفُ به حتَّى الممات.

في عام 2004، وقع عليكِ الاختيار لتشاركي كمتحدِّثة أمام مجلس الشيوخ الفرنسي في يوم المرأة، فكيف ترين هذا اليوم؟

تحدَّثتُ في عام 2004 لأوَّل مرَّة في مجلس الشيوخ الفرنسي، في أوَّل تجربة دبلوماسيَّة لي بقيادة الأميرة ريم الفيصل؛ إذ شعرت بالفخر؛ لتمثيلي المرأة السعوديَّة، ثمَّ تحدثت مرَّة أخرى في عام ٢٠١٠ تحت قيادة الأميرة لولوة الفيصل؛ حيث تساهم هذه الجلسات البرلمانيَّة في التقريب بين الشعوب، سواء على المستوى البرلماني أو الشعبوي. وفي ٢٠١٧ شارك فريق "جدة يونايتد" في باريس، وحاز على ميدالية مجلس الشيوخ، وفي عام ٢٠١٦ شاركت في جلسة حواريَّة عن المملكة في البرلمان الألماني (البندستاج).

ماذا تعني لك جائزة العصاميَّة في رائدات وسيَّدات الأعمال على شرف الأميرة لولوة الفيصل؟

كان جائزة العصامية- التي حصلت عليها في عام 2010 - معنى كبير جدًّا؛ لأنَّني تسلَّمتها من رائدة في التعليم؛ وهي الأميرة هيفاء الفيصل، فكانت أوَّل جائزة لي في المجال الرياضي، الذي كان في بداياته، وكان هناك فئات غير متفهمة له على المستوى الوطني والصحي والاجتماعي؛ لذلك كانت كبيرة جدًّا.

في 2014 فزتِ بلقب أقوى 200 امرأة عربيَّة بتصنيف فوربس، فما تعليقك؟

الفترة التي تلقيت فيها الخبر، كنتُ في مدرسة ابنتي التي كانت حينها على المسرح، وفجأة انهالت عليَّ التبريكات، عبر واتساب، والرسائل، وكان ضمن القائمة الأميرة ريما بنت بندر، وعلى ما أذكر سيدة الأعمال لبنى العليان، وكانت مفاجأة لي أنني كنت رقم 12 على مستوى المملكة، و71 على مستوى الدول العربيَّة.

حصلت على عضويَّة مجلس إدارة جائزة "سرب" في مجال ريادة الأعمال، فكيف رأيتِ ذلك؟

كانت عضويَّة مجلس إدارة سرب عام 2014 تشجيعًا وتحفيزًا لي من روَّاد الأعمال، وفي نفس العام حصلتُ على عضوية لجنة شابات الأعمال بالغرفة التجاريَّة، وكنت المرأة الوحيدة بين 18 عضوًا بلجنة الاستثمار الرياضي، في وقت لم يكن فيه تأييد لوجود نساء في المجال الرياضي، ولكن تواصل معي بدر المحيسن؛ نائب رئيس اللجنة حينها، ليختارني عضوًا، ثم ظللت في مجال الاستثمار الرياضي إلى عام 2018.

أسستِ "جدَّة يونايتد"، كأوَّل مؤسَّسة رياضيَّة تجاريَّة أكاديميَّة، فما الصعوبات التي واجهتك؟

بالنسبة لتأسيس مؤسسة رياضيَّة تجاريَّة أكاديميَّة في عام 2003، فقد بدأتُ الممارسة كأم غير عاملة في البدايات. وكان تأسيس مؤسسة رياضيَّة تحت مظلة وزارة التجارة، في وقت لم يكن فيه تصاريح لرعاية الشباب (سابقًا)؛ لذلك وجدت فراغًا تشغيليًّا، استطعتُ من خلاله ممارسة التدريب الرياضي تحت منظومة مؤسسة رياضيَّة تجاريَّة.

وكانت هناك صعوبات كثيرة، تمثلت في وجود فئة معارضة، وصعوبة إيجاد كوادر للتدريب، والتحكيم، والملاعب، مع عدم الإعلان عن أي بطولات في الصحف. ومع ذلك استمررنا لعدة سنوات؛ حتى إعلان رؤية 2030، التي تنص على زيادة عدد الممارسين إلى 40% ذكورًا وإناثًا.

مَن هي الفئة التي تستهدفها أكاديميَّة جدَّة يونايتد؟

الفئة المستهدفة هي السيدات والأطفال، فشعارها: الرياضة للجميع، وهي مؤسسة عائليَّة؛ إذ ترك زوجي وظيفته في البنك الأهلي ليصبح مسؤولًا عن قسم الشباب.

هل الأكاديمية تدعم كرة السلة فقط؟ ولماذا كانت أوَّل رياضة يتم دعمها؟

ركَّزنا على الرياضات الجماعيَّة؛ لما فيها من جوانب اجتماعيَّة تربويَّة، تُعلِّم الكثير من المهارات على مستوى السلوك الرياضي، والثقة بالنفس وتعزيزها، واحترام الوقت، واحترام الخصم. إذًا هناك جهة تربويَّة تعلِّم الروح والأخلاق الرياضيَّة، وتدعمها أكاديميًّا، وكذلك القيادة، وكثيرًا من الجوانب الاجتماعيَّة من خلال المجهود الحركي. وكانت السلة أول رياضة قمتُ بدعمها، وكنتُ أمارسها مع عمي وإخوتي في المنزل، كما كنت أمارسها في المدارس الخاصة.

ماهي الجوائز التي حصلتْ عليها الأكاديميَّة؟ واخر أنجاز رياضي اليك؟

كانت أكبر جائزة حصلت عليها الأكاديميَّة، من مجلس الشيوخ الفرنسي (السند)، في رحلتنا إلى باريس ومباراتنا مع جامعة باريس.

أما آخر إنجاز رياضي؛ فكان تتويج فريق الرياض يونايتد 2019 ببطولة المبادرة الدبلوماسية لكرة السلة في مقابلته مع فريق الدبلوماسيات بقيادة سفيرة بلجيكيا لدى السعودية.

وأين تجدين "جدَّة يوناتيد" في 2030؟

أجد جدة يوناتيد في صميم رؤية 2030 ؛ لدعمها الرياضة المجتمعيَّة، والعمل على وجود فريق منتخب جدة يوناتيد، سواء من البنات أو الشباب؛ إذ ندعم جميع المستويات، ونصنِّفهم حسب أعمارهم، كما استطعنا المشاركة في البطولة العربيَّة للأندية بالشارقة، وحصلنا على جائزة الروح الرياضية.

أصبحت المرأة السعوديَّة متمكِّنة في معظم المجالات، كما وضعت بصمتها عربيًّا وعالميًّا، فبماذا تنصحينها؟ وماهي القرارات التي دعمت المرأة مؤخرًا، وكنتِ تتمنينها قبل 18 عامًا؟ وهل غيَّرت مسيرتكِ؟

أخذت المرأة السعودية -كغيرها في العالم- وقتها لتصل إلى تكافؤ الفرص مع الرجال؛ وهو حدث لكثير من نساء العالم، فقد مررن بعدَّة محطات حتى وصلن إلى التمكين وتحقيق تكافؤ الفرص. لدينا في السعودية مساواة في الأجور؛ وهو ما لم تصل إليه كثير من المجتمعات. ومنذ إعلان رؤية 2030، وجدنا سرعة وسلاسة في القرارات وتطبيقها، وتقبل المجتمع لها، فدارت عجلة التنمية بوتيرة سريعة، فمع كل قرار جديدي تتعزز التنمية. وهناك أمور أنصح الأمهات بمراعاتها في مقدمتها الحفاظ على هويتنا الوطنيَّة، وتعزيز مفهوم الهوية لنحقق التقدم المأمول، مع الحفاظ على ديننا ولغتنا العربية الأصيلة.

ماهي الرياضات التي تتمنين أن تنافس بها المرأة السعوديَّة عالميًّا؟

أتمنى أن تمارس المرأة السعودية أي نوع رياضة تستهويها مع التركيز على رياضة الفروسيَّة؛ تلك الرياضة العربيَّة الأصيلة، فقد استطاعت الفارسة السعوديَّة ديلما ملحس الحصول على الميدالية البرونزيَّة بأولمبياد الشباب عام 2010، وما زلنا نتطلع إلى المزيد.

تسلقكِ قمة إيفرست كأول امرأة، كان له صدى هائل، فكيف كان شعوركِ؟

كانت قمة "إيفرست بيس كامب" تجربة فريدة من نوعها، برعاية السفيرة صاحبة السمو الملكي الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، ورعاية وزارتي التعليم والصحة؛ بهدف توعية المجتمع بأهميَّة الرياضة وعلاقتها بسرطان الثدي، فكلَّما مارست المرأة الرياضة، قلت نسبة الإصابة بسرطان الثدي، وحتى في حالة الإصابة يكون الجسم أقوى في مرحلة العلاج. وكان أكبر تحدٍّ لي وللسيدات العشر من مختلف مناطق المملكة الوصول للقمة، التي لم تكن سهلة، ولكن أردنا أن نرسل لبناتنا رسالة بأنه لا مستحيل مع العزيمة، وأنَّ الحركة مهمَّة، وأنه باليقين والإيمان بالهدف، نستطيع تحقيق ما نرجو.

التغيُّر الذي تمرُّ به السعوديَّة من انفتاح في المجالات الرياضيَّة والترفيهيَّة.. هل يقلقكِ أم ترينه لمصلحة المجتمع؟

إن برنامج تعزيز الشخصيَّة السعودية مهم جدًّا كبرنامج لجميع المجالات، ويجب أن نضعه نصب أعيننا، فبناتنا وشبابنا منفتحون على العالم؛ بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، والأقمار الصناعيَّة، فلن نستطيع العيش منعزلين، فلكل زمن تحدِّياته، فالتعليم مسؤول، والإعلام مسؤول، والأسرة مسؤولة عن التربية السويَّة الصالحة.

ما طموحكِ وأمنياتكِ شخصيًا وعمليًا؟

طموحي عمليًا، تقديم ما لديَّ من أفكار؛ لتعديل بعض الأنظمة في هذه الدورة، أما شخصيًا فأرجو الاستمرار في توصيل رسائل السلام من المملكة، ورسائل المودة والتكامل بيننا وبين العالم، خاصة في ظل الانفتاح الذي نعيشه، فمن ضمن أهداف رؤية 2030 زيادة عدد مواقع اليونسكو من 4 إلى 8، وقد أصبحت الآن خمسة. يجذبني التاريخ، ويلفت انتباهي المواقع الأثريَّة، وأجد فيها فرصة كبيرة للتقارب والتكامل أكثر من أي شيء.

لو طُلب منكِ إرسال رسالة شكر.. لمن توجهينها؟

أولاً نحمد الله أنْ وفقنا وهدانا، ثم أشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لما قدماه للمجتمع والمرأة والعالم الإسلامي. وبالطبع أوجه الشكر لوالدَي اللذين علَّماني مفهوم الوطنية، ومفهوم الاجتهاد، ومفهوم العطاء. وأشكر زوجي الذي مكَّنني من القيام بأدواري بإيجابيَّة وسلاسة، ودعمني عائليًّا وعمليًا، فهو أكبر سند لي في حياتي العمليَّة والعلميَّة والشخصيَّة والاجتماعيَّة.