كيف تؤثر الاضطرابات الأسرية في سلوكيات الأبناء؟

يصل الخلاف بين الآباء والأبناء المراهقين إلى ذروته في المراهقة المبكرة التي تمتد من 13 إلى 17 سنة، والخلاف يكون بسبب إصرار الآباء والأمهات على معاملة أبنائهم على أنهم ما زالوا أطفالًا، ومطالبتهم في الوقت نفسه بأن يسلكوا طريق الكبار، ويستمر الخلاف حتى سن الـ17 تقريبا، ثم تهدأ حدته بالتدريج. وذلك وفقًا لما أكدته الدكتورة إيمان عبد الله، خبيرة الإرشاد الأسري، في تصريحاتها الخاصة لمجلة "الجوهرة".

وأضافت الدكتورة إيمان أن المراهقين في هذه المرحلة لا يأبهون للمسؤولية، ويميلون إلى المبالغة لأتفه الأسباب، كما يتمتعون بتقلب المزاج والأحوال.

أسباب الخلاف

أكدت خبيرة الإرشاد الأسري أن الخلاف بين الآباء وأبنائهم قد يعود إلى ما يفرضه الآباء من قيود على المراهقين، وتدريبهم على النظام، مشيرة إلى أن هذه القيود يصاحبها ثورة المراهقين، وأحيانًا يكون الخلاف ناجمًا عن نوع الحياة الاجتماعية التي يعيشها الفرد في مراهقته، وخاصة في اختلاط المراهقين بالجنس الآخر، ومشاهدة وسائل الإعلام الغربية التي أصبحت قريبة للغاية بعد ظهور شبكة الإنترنت والفضائيات.

وقالت الدكتورة إيمان: "في تلك المرحلة يلجأ المراهق إلى المبالغة في نقده لوالديه، وفي حياته العائلية بصفة عامة"، مضيفة أن الآباء يرون ذلك نوعًا من العقوق.

وبعد العام 17 يتحول النزاع تدريجيا، ويمتد إلى مرحلة الرشد في عمر الـ21، وعندما يدرك الآباء أن أبناءهم المراهقين قد اقتربوا من تلك السن، وأنهم سيطالبون بحقوقهم قريبًا، يُدركون أهمية تحملهم واجبات هذه الحقوق من مسؤولية إلى سلوك متزن عاقل. عندما يغير الآباء موقفهم من أبنائهم يسود الهدوء في البيت، والوفاق، ويتقبل المراهق إخوته الصغار ويصبح أكثر إدراكًا للمشكلات، كما يتعامل بروح الشقيق الأكبر، ويزداد الوفاق بين المراهق وأبيه.

صفات الأسرة الناجحة

شددت الدكتورة إيمان على أن الأسرة الناجحة هي التي تساير نمو الفرد، فتعامله وفقًا للمرحلة العمرية التي يمر بها، ولا ترهقه بما لا طاقة له به، ولا تقحم طفولته في إطار الراشدين، بل تُهيئ له الفرصة لكي ينمو ويستمتع بكل مرحلة يمر بها في حياته، فالشخصية السوية لا تنشأ إلا في جو يشع فيه الثقة والوفاء والحب والأمان.

وتقوم الأسرة بتدريب المراهق على احترام نفسه، ومساعدته ليكون محترمًا بين الناس، وتعطيه الثقة اللازمة لنموه، كما يتحتم على الوالدين معرفة أهمية سلوكهما مع الابن، فسعادتهما الزوجية تتصل مباشرة بسعادة أولادهما، أما الجو الأسرى المضطرب فيؤثر في نمو المراهق، ويجعله غاضبًا ثائرًا طوال الوقت.

واختتمت الدكتورة إيمان تصريحاتها بأن "الأسرة التي تغضب لأتفه الأسباب، يعيش أولادها في حالة كراهية مستمرة، وتنمو لديهم ميول للانتقام، والغيرة، فضلًا عن إجبارهم على بعض التصرفات دون إعطائهم فرصة الاختيار، وهكذا تترك الأسرة سلبياتها على حياة المراهق، والراشد، سواء بهدوئها أو اضطراباتها المستمرة".