فيلم Mr. Hulot's Holiday.. الرجل رفيق الأخطاء

على الرغم من أن فيلم Mr. Hulot's Holiday قديم، إلا أنه يفرض نفسه، خاصة في هذه الآونة لسببين؛ أولهما أنه، وهو يشترك في هذا مع بقية الأعمال الفنية التي تنطوي على ثراء كبير، يطرح عليك شيئًا جديدًا في كل مرة تشاهده فيها، أو بالأحرى تكتشف فيه شيء جديد.

أما السبب الثاني، فهو أننا جميعًا خاصة في هذه الفترة الضاغطة قاتمة الألوان الجاثمة على صدر العالم بحاجة إلى أن نفكر بعقلية السيد هولو، أي أن نفرّ ولو مؤقتًا من مشاغلنا وأعمالنا الروتينية لننعم بشيء من الهدوء.

يحكي الفيلم، إذًا، قصة ذلك الفرنسي سليم النية ولكن الأخرق «هولو» الذي يذهب إلى احدى الشاليهات بقرب الشاطئ لقضاء فترة استجمام، وهناك يحدث، وعلى الدوام، حالة من الفوضى والضجيج رغم سلامة نيته.

كوميديا ولكن من حيث التصنيف المألوف، فإن فيلم Mr. Hulot's Holiday يندرج تحت خانة الكوميديا، إلا أنه _ وتلك هي لمسة المخرج جاك تاتي _ لا يدفعك إلى الضحك رغم أنك قد تظن، في بعض المشاهد، أنه يتوجب عليك ذلك.

والقصد هنا هو حالة البهجة وليس مجرد الضحك العابر؛ حيث يدور الفيلم حول أبسط ملذات الإنسان: الرغبة في الابتعاد لبضعة أيام، واللعب بدلًا من العمل، واستنشاق هواء البحر، وربما مقابلة شخص لطيف. إنه يتعلق بالأمل الذي يكمن وراء كل الإجازات والحزن الذي ينهيها، إنها ليست كوميديا مرحة ولكنها كوميديا للذاكرة والحنين والولع والبهجة.

هناك بعض الضحك الحقيقي، لكن فيلم Mr. Hulot's Holiday يعطينا شيئًا أكثر ندرة، عاطفة مرحة للطبيعة البشرية، غريبة جدًا، وقيمة جدًا، وخصوصية للغاية.

الرجل صديق الأخطاء يصور لنا الفيلم السيد هولو على أنه شخص سليم النية جدًا، إلى حد أنه صار أخرقًا، كما أنه غاية في التهذيب؛ إنه مؤدب للغاية لدرجة أنه عندما يقول المذيع في راديو الفندق "تصبحون على خير ، الجميع!" ينحني ويخلع قبعته.

وهو دائمًا غير ملحوظ، لا يأبه به أحد، ولا ينتبه إليه أحد أصلًا، إلا أنه يفرض نفسه فرضًا من خلال أخطائه (غير المقصودة التي يرتكبها على الدوام).

إنه ذاك الرجل الذي لا يراه أحد تمامًا، ينشغل المصطافون بعوالمهم ورفاقهم وخططهم، ولا يلاحظون هولو إلا عندما يحدث خطأ ما، كما يحدث غالبًا.

فعلى سبيل المثال، ردهة فندقه المطل على البحر هي جزيرة من الهدوء، لكنه ينسى ويترك الباب مفتوحًا، ومن هنا تمكنت الرياح من خلق سلسلة من الإزعاجات الصغيرة والمسلية التي لا بد أن تكون قد استغرقت أيامًا فيما بعد، ذلك مثال واحد على الأخطاء غير المقصود التي يرتكبها السيد هولو ومع ذلك تفرض حضوره على الجميع. إنه رجل رفيق الأخطاء، يقتفي الخطأ أثره كما لو كان كلبه الوفي.

فيلم Mr. Hulot's Holiday

يُشار إلى أن جاك تاتي؛ هو من أخرج وكتب نص سيناريو الفيلم، علاوة على ذلك لعب دور السيد هولو الذي ظهر في جميع أفلامه (بلاي تايم 1967 Playtime، مون اونكل 1958، وترافيك 1971)، وعادة ما يرتدي بنطال قصير نوعا ما وبالطو أصفر اللون وقبعة على رأسه، ويدخن "الغليون"، بالإضافة إلى ظرافته وتصرفاته العفوية الفضولية التي تبعث السرور في نفس المتفرج.

يتسم الفيلم، على عادة أفلام جاك تاتي، بالحوارات المقتضبة، (يبدو الفيلم صامتًا في كثير من الأحيان)، فضلًا عن بساطة الأداء واقتصاد النص، على الرغم من أنه يعالج أزمات الإنسان في حياته اليومية، ولكن بفطنة وذكاء وخفة أيضًا.

وكان أول ظهور لجاك تاتي، العام 1931 في دور اعتمد فيه على تعابير وجهه وجسده لتقليد الرياضيين والحكام، وأدى في العام 1932 دورًا رئيسًا في أحد الأفلام القصيرة بعنوان "أوسكار بطل التنس"، ثم تتالت أفلامه القصيرة في حقبة الثلاثينات من القرن الفائت.

وفي أواخر عقد الأربعينات، تحول "جاك" إلى إخراج الأفلام الروائية الطويلة، وفي هذا الجانب قدم أول أفلامه بعنوان "اليوم الكبير" 1949، وأعقبه بخمسة أفلام روائية غدت من أشهر كلاسيكيات السينما الفرنسية والعالمية ونالت العديد من الجوائز، كان من بينها "وقت اللعب" 1967 وفيلم "سير" 1971.

اقرأ أيضًا: مبادرة «عشان أحب السعودية».. لوحات جدارية تُزين 5 مدن