علي حبيش ومجدي أنور.. محاولات لاستنطاق الحجر والخروج عن المألوف

اختتمت، مؤخرًا بقاعة إبداع للفنون التشكيلية، فعاليات المعرض التشكيلي الثنائي، الذي ضم أعمالًا نحتية وتصويرية لكل من: الفنان مجدي أنور، والفنان علي حبيش.

المعرض التشكيلي الثنائي

وجسّد المعرض، محاولات، علي حبيش، استنطاق الحجر، وأخذه ذريعة لإطلاق قوى الإنسان الكامنة والفوّارة؛ فالرجل يصارع مع هذه الكتل الصماء ليس من أجل إبراز جوهر الفن ذاته؛ ذاك الفن النابع من قلب الجماهير والكامن فيه، وإنما لإخراج الإنسان من بوتقة الألم إلى رحاب الحرية.

لهذا رأينا في أعماله حضورًا رومانسيًا جليًا، وبُعدًا دراميًا ساخنًا، وإلا فهل ثمة ما هو أكثر درامية من مأساة الإنسان التائق للحرية؟!

وعلى ذلك، تظهر في أعمال "حبيش" ثنائية من نوع فريد، فعلى الرغم من أن أعماله النحتية والتشكيلية حول الطبيعة ورمانسيتها إلا أنك تسمع فيها.

وفي الوقت ذاته، عويل الألم والمأساة؛ ومع ذلك تخلب لبك وتناديك للالتحام بها والانشغال بهذه الأشكال وقوة تعبيراتها، سواءً أكان الفنان قد صنعها من الحجر أو النحاس؛ فالمادة هنا لا تقول بذاتها شيئًا، طالما لم ينفث الفنان فيها روحه.

ولكي يتخلص الفنان من ذاك النزاع بين هذه الكتل النحتية في شكلها المجرد وبين ما تنطوي عليه، أو ما أراد هو أن يخلعه عليها من معانٍ، حاول، عبر هذا المعرض، أن يزاوج بين الشكل والمضمون معًا، وأن يدمج بينهما عبر لغة تشكيلية ذات لحن فريد.

علي حبيش ومجدي أنور.. محاولات لاستنطاق الحجر والخروج عن المألوف

أما الفنان مجدي أنور، فقد سلك طريقًا مغايرًا؛ إذ قرر الغوص من الشكل إلى المضمون، تثيره الفكرة وتُلهب خياله فيستجمع إمكاناته الفنية لكي يستقصي عمقها.

وسوف يصل بها إلى أقصى غور ممكن، مستلهمًا في ذلك، كما يقول هو نفسه، «كل الحلول المصاغة، من خلال طبقات لونية متراكمة، تراكمًا زمنيًا، ومحاكاتها، ومعايشتها؛ لتصل انفعالاتي ومشاعري مباشرة على السطح، فتخرج صادقة مباشرة».

ويضيف: "ومن خلال التكنيك الفني، والمهارة في إدارة السطح أستطيع الوصول لجمل تشكيلية متناثرة؛ فالبحث، التجريب، والخروج عن المألوف يخلق حالة من الإبداع، ويجعل من الفنان حالة خاصة متفردة، يحلق بعيدًا عن النمطية".

نحن، إذًا، إزاء فنان أدار ظهره للنمطية الفنية وكل متعلقاتها، ويمم وجهه شطر مشاعره وانفعالاته؛ كي يستقصي بها عمق فكرة ما، كانت في الأصل مجرد إحساس أو انفعال.

لكن هذه الطريقة تتيح له، كما ينبئنا، إمكانية "تحقيق مدخل للتعبير، ولمزيد من التفهم لإمكانية أن تكون الخامة مثيرًا جماليًا لدى ممارستي التصوير لإنتاج إبداعات ذات قيمة فنية مستحدثة، بعيدًا عن الصياغات المتعارف عليها".

والسؤال هنا، ما الذي يثير حفيظة الفنان؟ لا جواب لأحد حيال سؤال كهذا، لكن ربما تكون الخامة المطروحة أمام الفنان هي ما يثيره ويُلهب خياله، لكن لا يمكن القطع بذلك؛ إذ أن الأمر لا يعدو كونه تجربة باطنية في الأساس.

لكن إن حدث وكان الخامة (أيًا كان نوعها) هي المثير؛ فسيتحقق لها نوع من التفرد بين شتى الأساليب المختلفة، وهل ثمة معين للفن أفضل من الخيال المشفوع بالانفعالات والمشاعر؟!

«نقش للأفلام» تطلق مسابقة لتوثيق حالات الحجر المنزلي