تحمل بين تفاصيلها عبق التاريخ، ورائحة الماضي بكل سحره ورونقه، التي لم يستطع الزمان محوه، حيث أدهشت الكثير بمظهرها ودقة تصميمها.
المشربية.. واحدة من العلامات التراثية الشاهدة على مهارت الصناع المصريين، منذ العصر القبطى وحتى يومنا هذا، وحتى اليوم لاتزال محال صناعة المشربية باقية في منطقتي “باب الشعرية والحسين”، شاهدة على تطور هذا الفن الراقى، رغم قلة الطلب على صناعتها وعزوف الشباب على العمل بها.
ويرجع سبب التسمية المشربية فى الأساس، كونها كانت مكانًا توضع به جرار الماء “القُلل” لتبرد فى أيام الصيف شديدة الحرارة.
إسماعيل عبد الكريم؛ صاحب أحد المحال المتخصصة في صناعة المشرابيات، يقول إن صناعة المشرابية إرثًا أبًا عن جدٍ من مئات السنين، والذين يعتبروا أوائل الناس في صناعتها بحي المعز في القاهرة، مضيفًا أن جده الأكبر؛ هو من بنى منزل “السحيمي”، أشهر المنازل الأثرية في شارع المعز بالقاهرة.
ويضيف حجم مبيعات والطلب على المشربية قلت بشكل كبير منذ زمن، بسبب عدة عوامل، أبرزها: قلة الجودة التي اختلفت تمامًا عما سبق، حيث أن المشربية قديمًا كانت تُصنع من خشب الصندر، المعروف برائحته الفواحة التي تنتشر بمجرد توجيه الشمس تجاهه، أما الأن، صناع المشربيات أصبحوا يستخدمون أنواع أخرى أقل جودة، مقارنًة بالماضي.
وأشار عبدالكريم إلى أن هناك عوامل أخرى في تدهور الصناعة، منها إرتفاع الأسعار، خاصًة أن المشربية تحتاج لتكاليف عالية في صنعتها، فسعر المتر يبدأ من 400 جنيه فأكثر، إلى جانب أن شباب اليوم ينفر من صناعتها بسبب عدم وجود عائد مجزي.
وديع حنا، عامل نجارة وصانع مشربيات، يقول إن هذا الفن يعد أرقى وأفخم أنواع الفنون التي لم أجد مثيلها قط، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه أندثر من أوائل السبعينات لعدة عوامل أهمها، رفع الأسعار لأن المشربية تحتاج إلى تكاليف عالية في صنعتها.
وتابع، دقة الصناعة تحتاج للصبر، الشيء الذي نفتقده الآن، فالجميع يبحث عن الرزق الذي يأتي سريعًا دون الإلتفات لجودة المنتج وإتقانه بالشكل المطلوب، الأمر الذي تحتاجه المشرابية، بل يعد من أساسيات صناعتها، فالفن العربي بشكل عام يمكن أن يحتاج لشهور وسنوات لإنجاز هيكل من الأرابيسك أو المشربيات.