«صمت الحجر» و«صخب الحياة الشعبية» في معرض فني بجاليري المشربية

احتضن جاليري المشربية، مؤخرًا، معرضًا ثنائيًا لكل من: الفنانة إحسان ندا، والفنان حسين ديهون؛ وعلى الرغم من وجود أعمال هذين الفنانين في معرض واحد إلا أنك تلحظ، ومن دون شك، ذاك البون الشاسع والاختلاف بين نظرتهما الفنية.

جاليري المشربية

ففي حين أنك تسمع في لوحات "ديهون" صخبًا شديدًا، لدرجة أنك تكاد تسمع الحركات وتسمع الأصوات خارجة من اللوحة، ترى، وعلى الجهة الأخرى، إحسان ندا وهي متوحدة مع أحجارها، غارقة في صمت منحوتاتها.

تمكّن "ديهون" من إتقان هذه البنية التركيبية في لوحاته من خلال دمجه الكثير من العناصر في اللوحة الواحدة، وإدخال الكثير من البنيات والثيمات عليها.

ولأن الرجل هائم بالفن الشعبي عشقًا، انعكس ذلك على لوحاته التي تبدو وكأنها أجزاء مقتطعة ومستلة من حياة ملح الأرض، أي الطبقة الوسطى والوسطى الدنيا كذلك.

تكاد لوحات الفنان حسين ديهون تتكلم، وتسمع فيها صخب الحياة وضجيج الشارع، وترى فيها كذلك، حركة الأشخاص، وعلى ذلك يمكن القول إن لوحات "ديهون" هي بمثابة حياة اختُصرت في لوحة.

وببراعة منقطعة النظير؛ يتمكن الفنان من إيقاع الحياة في فخ اللوحة، وإعطاء مشهد عابر من الحياة اليومية المألوفة والعادية مسحة فنية أبدية، وهنا تظهر قدرته على منح المألوف ملمحًا فريدًا، وهل الفن إلا القدرة على الإدهاش والاندهاش؟ وإلا القدرة على رؤية الفريد في المُكرر والمعُاد؟!

وحتى في المرات التي يقرر فيها الفنان رسم مشهد واحد صغير "درّاجة" أو "بورتريه لامرأة بمفردها" فإنك تكاد ترى الحياة كلها في هذه الدرّاجة أو ذاك البورتريه، إنها لوحات مغبّرة بتراب الحياة، ومفعمة بالرغبة في قول كل شيء عبر مشهد يبدو، للوهلة الأولى، مألوفًا ومكررًا.

أما الفنانة "عاشقة الأحجار" إحسان ندا، فالأمر معها مختلف تمامًا؛ إذ أرادت أن تنفث من روحها في الحجر، لتتولى هذه الحجارة، فيما بعد، ناصية الكلام، وتعبّر عنا وعن الفنانة في الوقت ذاته.

تدمج إحسان ندا في أعمالها وتصاميمها الفنية الأحجار بالفضة لتبرز جمالها وجمال ألوانها من جهة، ولكي تخرج لنا، في النهاية، بثيمة فنية مُبتكرة، تجمع ما بين الحجر والفضة لكنها لا تنتمي إليهما وإن كانت تتكون منهما؛ إذ هي تقدّم عبر هذه التراكيب نمطًا فنيًا جديدًا، يقف في الوسط بين الفضة والحجر دون أن ينتمي إلى أيٍ منهما.

تخصصت "ندا" في فن الحُلي، واشتهرت بلقب "عاشقة الأحجار"، وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية، والعديد من الجوائز الأخرى، كما نظمت العديد من المعارض داخل مصر وخارجها، ولها العديد من المقتنيات في مصر والخارج أيضًا.

علي حبيش ومجدي أنور.. محاولات لاستنطاق الحجر والخروج عن المألوف