صبحة بغورة تكتب: صورة إيران في السينما الأمريكية

أُصيبت النخبة السياسية الأمريكية بالذهول من سهولة انهيار نظام الحكم الملكي للشاه محمد رضا بهلوي، المدعوم من الولايات المتحدة، في 11 فبراير عام 1979، ورافق ذلك دهشة من سرعة نجاح الثورة الإسلامية المدعومة شعبيًا، والصعود القوي للتيار الإسلامي الذي نجح في تحويل نظام الحكم إلى جمهورية إسلامية، ثم إعلان عدائه الصريح للولايات المتحدة الأمريكية، ونعته لها بـ”الشيطان الأكبر”.
وقد انعكس هذا الحدث على طبيعة نظرة الرأي العام في كلا البلدين تجاه الآخر؛ حيث بدا النظام الأمريكي محلّقاً في آفاق العلمانية المتحررة، غارقًا في أعماق الديمقراطية، يصارع تقلبات الحياة وتحدياتها، في مقابل نظام إيراني وليد، إسلامي الطابع، شيعي متشدد، يقيد الحقوق، ويكبح الحريات الفردية والمجتمعية، ويقصي المرأة عن دائرة المكان والمكانة.


عالجت السينما الأمريكية ـ من زاوية درامية ـ الوضع الإنساني المأزوم في إيران من خلال سلسلة من الأفلام التي قدمت رؤية ناقدة لمستوى الحرية السياسية والاجتماعية هناك، وكان من الطبيعي أن تنحاز السينما الأمريكية إلى صف الانتصار، مستندة إلى البعد الإنساني كخلفية قوية استمدت منها حمولة معنوية مؤثرة في تشكيل الوجدان وتوجيه الرأي العام الأمريكي والعالمي ضد التطرف الديني، وقد تطرقت في عدد من الأفلام الأخرى إلى القضايا السياسية المرتبطة بإيران عقب سقوط نظام الشاه وصعود النظام الإسلامي.

إيران بعد الثورة الإسلامية

ومن أبرز الأفلام الأمريكية التي تناولت إيران بعد الثورة الإسلامية، فيلم ARGO، إنتاج عام 2012، الذي استعرض أحداث أزمة الرهائن في عام 1979، وعملية إنقاذ ستة دبلوماسيين أمريكيين في طهران من خلال خدعة إنتاج فيلم خيالي. وقد حصل الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، رغم تعرضه لانتقادات حادة من الجانب الإيراني، بسبب تصويره الإيرانيين بصورة سلبية وقاسية.


كذلك فيلم “ليس بدون ابنتي” (Not Without My Daughter)، إنتاج عام 1991، الذي يحكي قصة امرأة أمريكية تحاول الهروب مع ابنتها من إيران بعدما أخذها زوجها الإيراني قسرًا للعيش هناك. وقد واجه الفيلم موجة انتقادات لكونه يصور المجتمع الإيراني كوحشي، بطريقة نمطية وسلبية.
أما فيلم Top Gun، إنتاج عام 2022، فقد تضمن إشارات ضمنية إلى إيران كعدو محتمل للولايات المتحدة، من خلال الإشارة إلى تحدي النظام الإيراني في مجال تخصيب اليورانيوم، مروجًا لفكرة سعي إيران نحو امتلاك السلاح النووي.
وقد سخّرت السينما الأمريكية في مثل هذه الأعمال عناصر الصورة والصوت والمؤثرات الفنية، إلى جانب تقنيات الحبكة الدرامية، لتقديم محتوى مؤثر يتماشى مع جدية القضايا المطروحة، بما يضمن توجيه الرأي العام نحو تبني مواقف بعينها، وتحقيق أهداف سياسية وأمنية مدروسة.

الرابط المختصر :