صبحة بغورة تكتب: خاتم الخطوبة.. شعار ارتباط أم عنوان وفاء

لم تختلف القصص التاريخية والروايات الخيالية وحتى الإشاعات حول أن أول ظهور لـ خاتم الخطوبة والزواج كان في عهد الفراعنة مع التركيز على الذهب والفضة، في حين كان الإغريق والرومان بعد انتقال هذه الفكرة إليهم يصنعونه من الحديد.

حافظ المصريون على تقليد خاتم الخطوبة حتى وقتنا الحاضر، والمعروف عنهم أن يضعه الخطيبان في أصبع البنصر الأيمن طوال فترة الخطوبة، أما بعد الزواج يُنقل إلى بنصر اليد اليسرى، وفي ذلك ترجع أسطورة قديمة هذا التقليد إلى أن هناك عصبًا يمتد من اليد اليسرى إلى القلب، ووجود الخاتم في البنصر يجعله متصلا بمنشأ العواطف أو بالقلب النابض بالحيوية والعشق والمحبة.

اختلفت الآراء في وقتنا الحاضر حول ما إذا كان خاتم الزواج أصبح فعلا عنوان المحبة بين الزوج وزوجته، أم هو مجرد عرف مفروض لتأكيد الارتباط الذاتي والروحي بأغلى ما أبدعته أيدي صناع الحلي والمجوهرات.

وترغب الكثيرات في أن يكون خاتم الخطوبة هو الشعار البداية لأي علاقة أو ارتباط، فضلًا عن الأولوية التي يحظى بها عند العائلات المحافظة والتقليدية وليس الحب وحده، بل أنهم يعتبرون أي زواج بدون خاتم ليس زواجًا وهو أمر غير مرض على الإطلاق، لأنه عبارة عن ارتباط كامل بين طرفين ويؤكد على الارتباط النفسي والمعنوي.

ومن حق كل فرد أن يجد الخاتم ومعانيه بطريقته كعربون وفاء، أو دليل على مدى الحب، والبعض لا ينظر إلى الأمر من هذه الزاوية ولا تهمه كثيرًا المظاهر والشكليات بقدر ما يهمه المعنى والمغزى من خاتم الخطوبة الذي يبقى رمزًا جميلًا لعلاقة سامية وذكرى ارتباط رجل وامرأة كان عنوانه الوفاق.

والبعض الآخر يجد فيه مضايقة، لأنه لم يتعود على لبس الخاتم، وموضة قديمة، وأن فكرة الاستمرار في لبس الخاتم لن يكون معبرًا عن قوة العلاقة لهذا يفضل الزوجان الاحتفاظ بالخاتم في مكان آمن بعيدًا عن الأعين والأيدي، بمعنى وجود ترفع عن الارتباط بالخاتم أكثر من الشعور بالارتباط العائلي.

وهناك فريق آخر، لهم مآرب اخرى في عدم وضع الخاتم حتى لا يبعد أنظار المعجبات عنه، أما الفتيات فإنه لا يكون ذلك عادة إلا بعد الزواج بفترة طويلة وبحجج مختلفة يمكن أن تعود إلى الرغبة في تغيير الشكل أو طراز الخاتم أو لأسباب قد تتعلق في معظمها بالسمنة.

العبرة أن الارتباط لا يكون من خلال خاتم، بل في ما يخفق به القلب من عواطف متأججة تجاه من أحب، وفتور هذا الخفقان سيعني فقدان الأهم؛ إذ ليس الخاتم هو الأسر الذي لا مفر منه، فهو يبقى مجرد رابط تذكاري.

والدليل أن المرأة لا تكف عن البحث عن كل سبل التزين بالحلي الذهبية أكثر من بحثها عن الخاتم الخاص بالارتباط، بالرغم من خصوصيته وحساسيته؛ حيث يكفي أن لا يقدم الخاطب الخاتم لخطيبته حتى تقوم عليه الدنيا بالاتهامات أنه لا يحمل تقديرًا كبيرًا للعائلة التي ينتمي إليها، أو أنها ليست المرأة التي يريدها، وهو ما يؤدي في الكثير من الحالات بإنهاء العلاقة وفك الارتباط بسرعة قياسية لأن وضع الخاتم لدى المرأة هو حلم.

وفي بعض الأوساط العائلية المحافظة، تقتضي الضرورة أن تلبس المرأة الخاتم لأنه يبعدها عن الشبهات في حال ما إذا كانت تتنزه مع خطيبها أو زوجها؛ لأنه يساعدها على التحرر من أي كلام سلبي.

خاتم الزواج هو رباط مقدس يجمع بين محبين رغبة في تكوين أسرة، وتتضح أهميته من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "ليلتمس أحدكم خاتما ولو من حديد".

وللخاتم قيمته المعنوية، لأنه يدل على مدى تعلق كل من الطرفين بالآخر، فأسعد حدث في حياة الفتاة عندما يأتي الشخص الذي تحبه لخطبتها، وأول شيء يفرح قلبها هو خاتم الخطوبة؛ حيث تشعر أنها قد حصلت على ما تريد وأنها ارتبطت بالإنسان الذي أحبته. تفتخر الفتاة بلبس خاتم خطبتها خاصة إذا ارتبطت بفارس أحلامها، فهي تتباهى به أمام الناس والأهل، وكذلك الأمر بالنسبة للشاب؛ إذ يشعر أنه أصبح ملكا لهذه الفتاة.

إذًا، الخاتم هو رباط روحي بين الأزواج، فالزوجة تشعر بوجود زوجها معها دائما حتى ولو كان بعيدًا عنها، وتشعر بالانزعاج إذا خلع زوجها خاتمه اعتقادًا منها أنه أراد أن يشعر من حوله أنه إنسان غير مرتبط وأنه تخلى من أجل ذلك عن الرمز الذي يمثل قدسية هذه العلاقة، ما يؤكد أن الخاتم يمثل في حياة الزوجين قيمة كبيرة فهو ثمرة اختيار صحيح وناجح يجمع بين طرفين.

لكن هناك ما هو أهم من الخاتم، وهو المودة والرحمة والعشرة الطيبة القائمة على الاحترام المتبادل بين الزوجين؛ ليأتي الخاتم مكملًا برمزيته فرحة حياتهما بصلة وصل على سبيل الدوام والاستمرار.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا: صبحة بغورة تكتب: المرأة والارتباط الوجداني بين الغموض وخطأ التوقع