صبحة بغورة تكتب: المرأة والإنجاب.. حكايات لا تنتهي

من الطبيعي أن نسمع فتاة ما تزال في عمر الزهور، تعبر بفطرتها عن حبها للإنجاب وأنها إذا أحبت زوجها ستنجب له الكثير من الأطفال؛ لأنهم ثمرة الحب بين الرجل والمرأة.

وإذا كانت هناك من لا تريد إنجاب الأطفال، فإنها في الواقع تحرم نفسها من خير كثير بل وتخرج عن طبيعتها الأصيلة وعن الدور الذي خلقت من أجله أن تكون أما.

ومن غير الطبيعي، أن تلجأ سيدة إلى حيلة "ربط رحمها" وهي في بداية حياتها الزوجية لتفادي الحمل الذي تعتقد أنه يعيق سعادتها ويحطم زواجها في بدايته ويفقدها كثيًرا من جمالها وتخشى من فقدان رشاقتها، وهو ما قد يؤذيها جنسيًا ونفسيًا.

القضية أنها ليست ضد فكرة الحمل، لأنها ككل امرأة يداعب خيالها حلم أن تعرف معنى الأمومة إلا أنها تفضل تأجيله إلى ما بعد مرور عام على الزواج على الأقل؛ حيث أنها تعلم أن زوجها أحبها نحيفة، جميلة القوام، والحمل يجعل المرأة تفقد حرصها على اقتناء الملابس الجميلة واهتمامها بنفسها ويزيد من وزن المرأة ويغير ملامحها.

ومن حق كل زوجة أن ترغب في الاستمتاع بأول سنة زواج مع الرجل الذي اختارته، وأن قرار تأجيل الإنجاب هو أمر شخصي لا ضرر فيه في حالة ما إذا كانت تلك رغبة الزوجين ومحل اتفاق بينهما اقتناعا منهما بأنهما غير مهيئين بعد لتحمل مسؤولية الإنجاب وعدم تأقلمهم مع واجبات مرحلة جديدة من حياتهما معا وهي تربية الأولاد ورعايتهم.

وقد يكون من يبادر بفكرة تأجيل الإنجاب في السنة الأولى من الزواج هو الزوج نفسه؛ لتخوفه من الاصطدام بالمزيد من الضغوط المالية وأعباء التربية التي يمكن أن تؤثر على مستوى السكون الروحي الذي يعيشه في بداية زواجه، والاعتقاد السائد أنه عادة ما يتريث الأزواج في الإنجاب لأسباب اقتصادية واجتماعية، وأحيانا صحية وهذه بالطبع خارجة عن إرادتهما.

وقد يكون للجانب النفسي تأثيره أيضا، فالحالة التي تعيشها الزوجة بعد الارتباط مباشرة تكون مشحونة بالتخوفات والهواجس من احتمال فقدان شريك الحياة بعد خسارة قوامها وجمالها، مما يجعلها تتغاضى عن فكرة الإنجاب إلى ما بعد العام الأول على الأقل.

اقرأ أيضًا.. نيللي كريم ترد على 3 شائعات وتحسم الجدل حول «بـ 100 وش»

ولا يخف على الكثير، أن عامل السن له دور كبير في مسألة الإنجاب المبكر، فالفتيات ما بين 18 و28 سنة من عمرهن يفضلن عدم التفكير في الإنجاب في السنوات القليلة الأولى من الزواج؛ تجنبًا للمسؤولية ولعدم وعي الزوجين، معتبرين أن الزواج هو تلك العلاقة التي تجمعهما في لحظة حب وهيام، متجاهلين الأسس الحقيقية للعلاقة الزوجية.

وتؤكد الأوساط الطبية، إن عمليات ربط الرحم بشكل مؤقت بعد الزواج قصد تفادي الحمل أصبحت متداولة بكثرة بين النساء اللاتي لا يرغبن في الإنجاب، لأنه لا يؤثر سلبًا على سلامة الرحم وليس له أعراض جانبية، وأن هذا النوع من العمليات يساعد المرأة على التحكم في عملية الإنجاب ، كما يعتبر بديلًا لأقراص منع الحمل التي ثبت تأثيرها القوي على أعصاب المرأة، وقد تكون سببًا مباشرًا للإصابة بأمراض خطيرة في الرحم قد تصل حد الإصابة بالعقم، خاصة إذا تم تناولها قبل الوضع الأول.

عندما تنتهي مراسم الزواج وتنقضي الأيام الوردية لشهر العسل؛ لم يكن أمام الزوجين الشابين حينها سوى شجاعة المواجهة لتحدي متطلبات مرحلة جديدة في مسار حياتهما الزوجية، من المؤكد أن طبيعتها مختلفة تمامًا، لأنها تحمل في بداية الطريق نظرات جديدة للحياة بالتفكير في الإنجاب والتربية نحو تأسيس عائلة وبناء مستقبل أسري، هذا وضع حتمي لأنها سنة الحياة ، ولأنها الفطرة التي فطرنا الله تعالى عليها ، ومنها تتحدد طبيعة رسالة الأزواج في الحياة، والأهم درجة وفائهما لمسؤوليتهما .

وبصفة عامة، فإن تأجيل الإنجاب لفترة من الزمن بدعوى أن يتعرف الطرفان على بعضهما أكثر فإنه من الناحية النفسية أفضل حتى يتأكدوا من حقيقة ما بينهما من حب حقيقي وترابط قوي، وكذلك تعميق التعارف والود أكثر، ولكن في المقابل هناك من يؤكد على ضرورة عدم إطالة فترة التأجيل لعامين مثلا.

وقد يكون من المفيد إجراء فحوص طبية خلال هذه الفترة؛ للتأكد من عدم وجود مشكلة يمكن أن تعيق الإنجاب مستقبلا، وهذه الفحوص عادة ما تستغرق وقتا يمكن أن يطول في حالة اكتشاف عائق تقتضي الضرورة مواجهته بالعلاج، وبالتالي فقد تطول فترة عدم الحمل إلى أربع أو خمس سنوات.

وبالنظر إلى أن نسبة الخصوبة والإنجاب، فإنها تقل مع التقدم في العمر خاصة لدى الزوجة، فإن مسألة التأجيل الاختياري والطوعي للحمل ستتحول هي ذاتها إلى حل اضطراري وإجباري لمشكلة قد ينجح معها العلاج، وقد تؤدي إلى عدم إمكانية الإنجاب.

صبحة بغورة متخصصة في كتابة المقالات السياسية والقضايا التربوية

اقرأ أيضًا.. صبحة بغورة تكتب: بعد فشل الرقة والوداعة والنكد.. الدموع سلاح المرأة!