روز العودة تكتب: هل وقعنا أسرى لمواقع التواصل الاجتماعي؟

بظهور مواقع التواصل الاجتماعي وتطورها وارتباطنا كليًا بالتكنولوجيا ومحدثاتها، جرت تغييرات جوهرية في طرق وأساليب ممارستنا للحياة، وسلوكنا، وعاداتنا الاجتماعية، لدرجة التخوف من أنْ نكون قد وقعنا أسرى بشكل كامل أو جزئي لها.

لقد صارت هذه المواقع فهمًا مطلقًا لبعض الفئات، دون وجود نافذة تمكننا من الهروب من تطويقها لنا، وإحكام قبضتها على حياتنا، بل صار البعض يخشى من تأثيرها على بعض شرائح المجتمع، ولاسيما الشباب، لدرجة ارتباطهم بها في المأكل والملبس وطرق الترفيه، ووسائل ومناطق السفر؛ أي أصبحت تتحكم في حياتهم بصورة كاملة.

وكان هذا الاتجاه منطلق دعوات مستخدمي تلك المواقع لإعادة النظر في استفادتنا منها، وتحويل استخدامنا لها إلى سلوك؛ لنقوم بعملية ترشيح لما نستقبله منها، وفي نفس الوقت تقديم محتوى راقٍ فيها، يسهم في تطوير أفكارنا ومجتمعاتنا.

وانطلاقًا من هذه المعطيات، يبرز السؤال الأهم: هل وقعنا فعلًا أسرى لمواقع التواصل الاجتماعي، وهل سيطرت تمامًا على بعض الفئات في مجتمعاتنا؟

لا يمكن بالطبع الإجابة على مثل هذه التساؤلات بنعم مطلقة أو لا مطلقة استنادًا إلى أراء البعض، لكنَّ التفصيل والتشريح، وبرؤي مختلفة قد يقرب الفهم ويجعل للظاهرة بعدًا مختلفًا، ويتيح لنا إذا أردنا الحصول على إجابة نجتمع عليها بموضوعية، أن ننظر لمواقع التواصل الاجتماعي من زوايا متعددة:

الأولى: أن منشأ مواقع التواصل الاجتماعي كان في مجتمعات لا تهتم كثيرًا بالترابط الأسري وتوارث العادات والتقاليد، كما أن العلاقات الاجتماعية فيها محكومة بأطر مفتوحة وثقافة تسودها الحرية المطلقة؛ حتى قبل سن الرشد، فضلًا عن أن العلاقات مع الأقارب في داخل الأسرة ليست بالقوة إذا ما قارناها بمجتمعاتنا الإسلامية؛ لذا لم يُنظر إلى هذه المواقع من زاوية سلبية؛ لأنها لم تحدث تأثيرًا في شكل العلاقات الموجودة، بل ربما حدث العكس.

التواصل الاجتماعي

الثانية: تتعلق بنا نحن المستقبلين لها؛ إذ نتعامل دائمًا مع المحدثات بنظرة الطفرة، ونتلقفها بلهفة في كل مناسبة، دون تحديد مدى استفادتنا منها؛ لذا ندخل سريعًا فيما يشبه الإدمان الاجتماعي؛ فيصبح استخدام هذه المحدثات عادة تبدأ فرديًا، ثم تتوسع حتى تتحول إلى سلوك جماعي وجزء روتيني من حياتنا؛ فيصعب فصلها وتصنيف إيجابياتها وسلبياتها؛ لأننا أخذناها من البداية ككل؛ وبالتالي نظل مجبرين على تحمل سلبياتها.

الثالثة: استخدامنا لتلك الموقع.. وعلى الرغم من أهمية هذا الجانب، إلا أننا نتعامل معها بأفق ضيق وذكاء محدود يُفضي غالبًا إلى تكوين عالم وهمي من التفاعل، ونأخذ المنشور على هذه المواقع وكأنه الأصل وما دونه هامش. وهكذا نأخذ من حضارة العالم قشورها، وليس جوهرها المتعلق بالعلم والمعرفة والسلوك المناسب مع مجتمعاتنا وقيمنا.

وبعيدًا عن الإجابات المتباينة، تبقي الحقيقة الماثلة التي يجب أن نتعامل معها كمشكلة؛ وهي أن بعض مواقع التواصل الاجتماعي سيطرت تمامًا على بعض الفئات العمرية الشبابية، وصارت مرجعًا لطريقة مأكلهم وملبسهم ومظهرهم واختيار نوع المكياج وأدواته؛ وهي مشكلة- للأسف- قابلة للتمدد والتوسع؛ فتصبح مسألة علاجها أو السيطرة عليها عند حدٍ معين أمرًا مستحيلًا.

روز العودة رئيس التحرير

اقرأ أيضًا: روز العودة تكتب: نساء المملكة.. عظيمات الوطن