شهدت مدينة الرياض اليوم كشفًا أثريًا بالغ الأهمية، حيث تمكن فريق بحثي تابع لهيئة التراث بـ وزارة الثقافة من قياس سجل مناخي فريد يمتد إالى ما لا يقل عن 8 ملايين سنة، وذلك داخل مجموعة من الدحول (الكهوف) المنتشرة في المنطقة.
نقلة نوعية في فهم التغيرات المناخية
وقد صرح جاسر الحربي، رئيس هيئة التراث، في تصريحات خاصة لموقع “الجوهرة” السعودي، بأن هذا الاكتشاف يمثل نقلة نوعية في فهم التغيرات المناخية التي شهدتها المنطقة على مر العصور. وأوضح أن السجل المناخي المكتشف يوثق فترة زمنية طويلة بدأت بحالة مطرية غزيرة ومساحات خضراء واسعة.
من جانبه، أكد عجب محمد العتيبي، مدير عام قطاع الآثار المكلف في هيئة التراث، أن هذا المساء يشهد إعلان أحد الاكتشافات النوعية والمهمة في السجل الحضاري العالمي. وأشار إلى أن هذا الاكتشاف يأتي ضمن نطاق مشروع “الجزيرة العربية الخضراء” الذي بدأ في عام 2010 واستمر لعدة مواسم حتى عام 2019.
أطول سجل للمناخ القديم يقارب 8 ملايين سنة
وأضاف العتيبي أن الدراسات الميدانية المكثفة التي أجريت في دحول الصمام بمركز الشوية في محافظة أرماح، بمشاركة أكثر من 30 باحثًا عالميًا يمثلون أكثر من 27 جهة دورية من مختلف دول العالم، قدمت نتائجها في عام 2019 إلى مجلة “نيتشر” العلمية العالمية الشهيرة. وقد أظهرت هذه الدراسة أن منطقة وسط الجزيرة العربية بالقرب من العاصمة الرياض تحتضن أطول سجل للمناخ القديم يقارب 8 ملايين سنة، ما يجعله من بين أطول السجلات المناخية المكتشفة على مستوى العالم.
وأكد مدير عام قطاع الآثار أن هذا الاكتشاف “يعيد ترتيب الأوراق” فيما يتعلق بفهم البيئة المناخية القديمة وانتشار الإنسان القديم في المنطقة. وشدد على أن الدراسات الأثرية بطبيعتها متغيرة ومتطورة، مؤكدًا استمرار العمل على هذا المشروع لتحقيق المزيد من الاكتشافات التي تثري هذه المنطقة الهامة.
أهمية هذا الاكتشاف وتأثيره على الأبحاث المستقبلية
وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب الإعلان، وجّه محمد أمين، الصحفي بموقع “الجوهرة”، سؤالًا حول أهمية هذا الاكتشاف وتأثيره على الأبحاث المستقبلية، وجاءت الإجابة كالتالي: “نعم، هذا الاكتشاف يضيف الكثير لنا، ويحثنا على المزيد من الدراسات والبحث العلمي حول تواجد الإنسان واستوطانه سواء كان في الكهوف القديمة والدحول سواء كان بمنطقة الرياض أو المناطق الأخرى”.
ويُعد هذا الاكتشاف الأثري إنجازًا هامًا يسلط الضوء على العمق التاريخي والبيئي لشبه الجزيرة العربية، ويفتح آفاقًا جديدة للبحث العلمي في مجالات المناخ القديم وتاريخ استيطان الإنسان في المنطقة.