حوار| د. شيماء سراج: «صناعة الحرير» أحد الأدوات الرئيسة لتمكين المرأة اقتصاديًا

المرأة السعودية حققت العديد من المكاسب وتولت أعلى المناصب

مصر لديها أطر تشريعية تلزم بتكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة

لدينا نماذج نسائية عربية وصلت للعالمية.. وما زلنا نحتاج إلى المزيد من الجهود

لا حدود لأحلامي وطموحي.. وأسعى دائمًا للتميز

حوار: مجدي صادق

هي واحدة من الخبرات المصرية التي تولت العديد من المناصب المهمة، تميزت بالتفاني في العمل ولديها طموح كبير؛ ونتيجة لذلك تم اختيارها لرئاسة وحدة تكافؤ الفرص في وزارة التخطيط بداية من العام الجاري.. إنها الدكتورة شيماء سراج خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قسم اقتصاد عام 1999، وحاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من نفس الكلية عامي 2009 و2014 على التوالي.

وقد تولت منصب خبير اقتصادي بالمكتب الفني لوزير التخطيط، بالإضافة إلى منصب المنسق العام للمجلس الأعلى للأجور وكبير الاقتصاديين بالمكتب الفني لوزير الصناعة والتجارة من 2004 حتى 2011، وهي المؤسس والمنسق العام لمبادرة "شجع صادرات بلدنا" التي تم تنظيمها بالتعاون بين وزارات: التجارة والصناعة، الهجرة وشؤون المصريين في الخارج والخارجية، ومحاضر بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري.

التقت "الجوهرة" د. شيماء سراج؛ وكان الحوار التالي..

هل هناك بالفعل تكافؤ فرص بين الرجل والمرأة في المنطقة العربية؟
بالطبع هناك دول عربية لها باع كبير في تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة مثل مصر، فلدينا استراتيجية نسير في إطارها وهي تمكين المرأة 2030، ولدينا أطر تشريعية تلزم بتطبيق تكافؤ الفرص مثل الدستور المصري، وبرنامج عمل الحكومة ورؤية مصر 2030؛ ما يمكن مصر من أن تكون قدوة تحتذي بها دول أخرى.
ما رأيك في المكاسب التي حصلت عليها المرأة المصرية؟
في ظل القيادة السياسية المصرية الحكيمة؛ حصلت المرأة بالفعل على حقوق كبيرة، اقتصادية وسياسية واجتماعية، فاليوم وصلت المرأة المصرية إلى مناصب عدة لم تصل لها من قبل، فالعديد من السيدات يعملن في السلك القضائي بكل فروعه، و25% من التشكيل الوزاري في الحكومة المصرية من السيدات، 28% من أعضاء البرلمان من النساء. ونسعى إلى تعزيز وصول المرأة للمزيد من المناصب القيادية.
كيف ترين تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الأسر العربية والمصرية؟
وسائل التواصل الاجتماعي هي سلاح ذو حدين؛ إذ يمكن أن تكون وسيلة للتطوير بما يتماشى مع التوجهات العالمية، واستخدامها كوسيلة محفزة لزيادة الإنتاج والمجال التسويقي لبعض المشروعات وبما ينعكس إيجابيًا على مستوى دخل الأسر العربية والمصرية، وعلى جانب آخر يمكن أن تكون عنصرًا سلبيًا إذا لم يتم إدارة الوقت في استخدامها، أو لو تم الابتعاد عن الأهداف الإيجابية التي يمكن تحقيقها منها، شأنها في ذلك شأن أي اختراعات جديدة.

والفيصل هو المستخدم وإدراكه وقدرته على تحديد توجهاته المطلوب تحقيقها من وسائل التواصل الاجتماعي، ومدى استيعابه للرسائل المختلفة المطلوب نشرها من خلالها، ومهارته في اختيار ما ينفعه والابتعاد عما يضره.

كيف ترين المرأة السعودية بعد حصولها على الكثير من المكاسب؟
أرى أن هناك المزيد من الخطوات الإيجابية وقرارات تُتخذ لتساند المرأة السعودية وتحقق لها مزيدًا من المكاسب، في ظل توجيهات القيادة السعودية التي تدرك أهمية دور المرأة السعودية وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، في إطار تفعيل أهداف التنمية المستدامة.

فنجد المرأة السعودية اليوم وقد تولت أعلى المناصب السياسية والدبلوماسية الرفيعة، إلى جانب المكانة الاقتصادية المرموقة للمرأة السعودية وإدارتها وامتلاكها شركات اقتصادية عملاقة ومتميزة دوليًا. كما حصلت على العديد من الحقوق المجتمعية والقانونية، مثل الحقوق الدراسية وقيادة السيارات والسفر واستخراج العديد من الأوراق.

وبتلك التوجهات، تسعى القيادة السعودية إلى استعادة الأمجاد التاريخية للمرأة السعودية التي تربينا على مبادئها ونتخذها قدوة نسير على خطاها، والأمثلة عديدة أذكر منها: السيدة خديجة والسيدة عائشة وفاطمة الزهراء "رضي الله عنهن".

بمَ تفسرين زيادة معدلات الطلاق وعدم الزواج، وظهور قضايا لم تكن في حاضرنا، مثل التحرش والتنمر؟
إذا ما تمت مقارنة الوضع العالمي لحالات الطلاق في مصر بالوضع العالمي، فسنجد أنه في مصر أفضل؛ حيث يصل متوسط معدل الطلاق العالمي إلى أكثر من 31% مقارنة بحالات الزواج، في حين تقل تلك النسبة في مصر عن 25%.

وفي سبيل خفض تلك النسبة، تبذل الدولة المصرية جهودًا كبيرة؛ إذ أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية استراتيجية تنمية الأسرة المصرية، ليتم تنفيذها جنبًا إلى جنب المشروع القومي لحماية الأسرة المصرية (مودة).

وذلك يعكس اهتمام الدولة المصرية بالحفاظ على تماسك الأسرة؛ ما ينعكس بصورة مباشرة على الصحة النفسية للأطفال ومن ثم تتعاظم فرص التنمية، وبتلك الجهود المكثفة أرى أن معدلات الطلاق قد تنخفض خلال الفترات القادمة مع تيقن المرأة بأهمية الحفاظ على كيان أسرتها، واطمئنانها لوجود الآلية التي تضمن لها حقوقها الإنسانية أو الاجتماعية، ويحفظها لها القانون والمشرع المصري إذا ما دعت الظروف إلى اللجوء لها.

وبالنسبة إلى ارتفاع معدل عدم الزواج، فالمرأة لها حرية الاختيار في الزواج من عدمه وفي الحالتين ستكمل مسيرتها ونجاحها، وحول انتشار ظواهر التحرش والتنمر وغيرهما فأرى أن السبب الرئيسي هو التركيز الإعلامي المبالغ فيه على تلك الأنواع من القضايا، بحثًا عن المزيد من المشاهدات أو القراءات، فإذا ما أتيحت المقارنات الفعلية بشكل متوازن مع النماذج الإيجابية ستتضح النسبة الضئيلة للسلبيات مقارنة بحجم المجتمع الفعلي.

شيماء سراج

هل حقق التمكين الاقتصادى للمرأة على مستوى عالمنا العربي والمصري نتائجه؟
هناك جهود كبيرة هادفة إلى التمكين الاقتصادي للمرأة، وبالفعل لدينا نماذج وصلت إلى العالمية ونماذج أخرى ضربت مثالًا للاجتهاد واستطاعت تحقيق النجاح في مشروعاتها الصغيرة ومتناهية الصغر، إلا أن تلك الجهود لا تزال تحتاج إلى المزيد؛ لينعكس صداها على المؤشرات الدولية المعنية بالتمكين الاقتصادي في عالمنا العربي.
على المستوى الشخصي: هل حققتي أحلامك؟
طوال مراحل حياتي وأنا في سعي دائم واجتهاد متواصل بهدف تحقيق التميز، رغبة مني في إرضاءً أمي "رحمها الله"، ووالدي "متعه الله بالصحة والعافية"، وإيمانًا بأن هناك شيئًا أفضل ينتظرني.

الحلم لا نهاية له، وغير محدود، فعند شعوري بأنني قد اقتربت من الوصول لهدف طالما سعيت لتحقيقه هناك دافع داخلي تلقائي يجعلني أبذل المزيد من الجهد لتحقيق ما هو أفضل مما كنت أتمنى الوصول إليه، فلا أكتفي بحد معين طالما كان في إمكاني تحقيق ما هو أفضل وفي إطار الممكن والمتاح دون إغفال لواجباتي كزوجة وأم.

في ظل مجتمع ذكوري تواجه المرأة تحديات كبيرة وعقبات.. كيف استطعتِ تجاوز كل هذه التحديات؟
مبدئيًا، لا يوجد حاليًا مجال لمصطلح مجتمع ذكوري، لكن يوجد أعباء أكثر على المرأة عليها أن تسعى للمواءمة فيما بينها، ما بين أعباء أسرية وأعباء مرتبطة بالعمل، وجميعها مرتبط بطموح المرأة.

النجاح في جانب لا يعني إغفال جانب آخر أو الفشل في جوانب أخرى؛ لذا على المرأة الموازنة الدائمة ما بين أعبائها والتي متعها الخالق بالقدرة على تحملها وبين شتى الجوانب المطلوب منها إنجازها.

لماذا اخترتي إنشاء مشروع صناعة الحرير؟ وهل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من أدوات تمكين المرأة اقتصاديًا؟
هناك قصة وراء اختياري "إحياء صناعة الحرير"، بدأتها برسالة الدكتوراه الخاصة بي، والتي تواكبت مع توجه الدولة المصرية نحو التوسع في المشروعات الزراعية عام 2014، وهو العام نفسه الذي ناقشت فيه رسالة الدكتوراه الخاصة بي وكان موضوعها حول "أهمية التجمعات الزراعية الصناعية ودورها في تحقيق التنافسية للصناعات الغذائية"، فبادرت كباحثة بإعداد ملخص مبنٍ على رسالة الدكتوراه الخاصة بي، ويضم تجارب دول متقدمة نجحت في تحقيق التنمية المستدامة؛ من خلال تطبيق فكر التجمعات الزراعية الصناعية، وأرسلت الدراسة إلى إحدى الجهات المعنية، وكنت في تلك الفترة خبيرة اقتصادية بوزارة التجارة والصناعة، ليعود لي الملف كموظفة ومطلوب مني أن أقيّم الدراسة وأعد ردًا.

لذا؛ بحثت عن التطبيق العملي لفكر التجمعات الزراعية الصناعية وبما يضمن تحقيق أهداف الدولة للتوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وتطبيق فكر التنمية المستدامة، والتكامل ما بين الزراعة والصناعة وتعظيم الإنتاجية، وتواصلت مع رابطة منتجي الحرير، وهم مجموعة من صغار المنتجين للحرير، والأطراف المعنية في غرفة الصناعات اليدوية ومركز تحديث الصناعة والمؤسسات التنموية العاملة في المجال؛ ليتبلور المشروع ويتم مخاطبة الجهة المعنية مجددًا بأهمية إعادة إحياء صناعة الحرير في مصر، وعرضت المزايا الإيجابية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المرتبطة بذلك المشروع المتكامل، الذي يعتمد على الربط ما بين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمشروعات الكبيرة ويضمن للمرأة والقرى الأكثر فقرًا فرصًا أفضل في الحياة إذا ما تم تنفيذه بشكل مدروس.

وبذلك، أصبحت صناعة الحرير داعمًا رئيسيًا لفكرة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وإحدى أدواتها الرئيسة التي يمكن ترسيخها لتمكين المرأة اقتصاديًا، وهو ما عملت عليه بهدف بلورة إطاره العملي وبما يتماشى مع الإطار النظري الذي ناقشته من خلال رسالة الدكتوراه الخاصة بي.

هل هناك تفاعل من المرأة مع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر؟ وهل لا تزال هناك العديد من المعوقات؟
إدراكًا من المرأة بأهمية تمكينها اقتصاديًا، نلاحظ التزايد المستمر في أعداد السيدات المقبلات على إنشاء مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، ونلاحظ الابتكارات في تلك التوجهات، وتماشيًا مع الحفاظ على البيئة وأهداف التنمية المستدامة نلاحظ التوجه نحو إقامة المشروعات التي تراعي تلك الأبعاد.

لكن ذلك لا يزال يحتاج إلى مزيد من الجهود التوعوية والبرامج التخصصية ذات النطاق الأوسع، التي تعمل على تحديد النطاق الجغرافي ونوعية المشروعات الملائمة له، بدءًا من الفكرة ووصولًا لسبل التسويق الداخلي والخارجي.

لماذا تم إنشاء وحدة تكافؤ الفرص بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية؟
وحدة تكافؤ الفرص، تم إنشاؤها بقرار وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية رقم (9) لسنة 2021، وهي منوطة بتحقيق تكافؤ الفرص بين كل من الرجل والمرأة، وترجع أسباب إنشائها إلى متطلبات دولية تتعلق بالتزام مصر بضرورة وجود إطار مؤسسي معنٍ بمتابعة تطبيق تكافؤ الفرص استنادًا إلى استراتيجية التنمية المستدامة والهدف الأممي الخامس المعني بضرورة المساواة بين الجنسين.

بالإضافة إلى أسباب محلية، تعود إلى استهداف مصر عدم التمييز النوعي بين الرجل والمرأة في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المرتبطة برؤية مصر 2030، واستراتيجية تمكين المرأة، والعديد من المواد المنصوص عليها في الدستور المصري لسنة 2014.

ما تفسيرك لظاهرة العنف ضد النساء في مصر؟
نسبة النساء اللاتي يتعرضن للعنف في المجتمع المصري لا تتجاوز 10%، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية تصل تلك النسبة حول العالم إلى حوالي 35%؛ أي ما يتجاوز ثلث نساء العالم، وبالتالي فإن المؤشر المحلي لتلك الظاهرة السلبية في مصر أقل بكثير من المؤشر العالمي.

وهناك العديد من الجهود المبذولة لتغليظ العقوبات على مرتكبيها، والحفاظ على حقوق المرأة في ظل استراتيجية تمكينها، والعديد من المواد المنصوص عليها في الدستور المصرى لسنة 2014 تساند المرأة.

ما هو حلمك بعد تلك الرحلة الكبيرة من الإنجازات كامرأة؟
لا يوجد حدود لحلمي أو أمنياتي الشخصية، كنتُ دائمًا أسعى للتميز، وتحقيق ما هو أفضل في إطار إمكانياتي التي أستطيع تحقيقها بالفعل دون كلل أو ملل.

اقرأ أيضًا: حوار| لولوة الحمود: أحمل مسؤولية كبيرة كفنانة سعودية لإيصال ثقافة وطني للعالم أجمع