حوار| الضابط البحري جومانا الخولي: ما زلت أحلم بالعمل على سفينة Tanker

حوار: مجدي صادق

رغم عمرها اليافع؛ حيث كانت طفلة في عمر الزهور، لم تعرف معنى للمستحيل، إذ رسم والدها خيوط الحلم داخلها وعاشت داخل "شرنقة" هذا الحلم حتى كبر معها لتصبح قبطانًا بحريًا، وذلك في تحدٍ كبير لمجتمع الذكور وفي مجال لا يتحمله إلا الأشداء من الرجال، ورغم أنها تنتمي لعائلة محافظة قادمة من صعيد مصر.

رحلة طويلة قطعتها الضابط البحري "ثانٍ"، جومانا أشرف الخولي؛ منذ أن حصلت على الثانوية العامة، والتحقت بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، فهي تتمتع بإرادة حديدية وثقة كبيرة بالنفس رغم ملامح الهدوء التي ترتسم على محياها وهي جريئة ومغامرة.

التقتها "الجوهرة" وكان الحوار التالي:

كل الشركات التي تقدمتِ لها كانت ترفض تشغيل الفتيات أو المصريين.. كيف تغلبتِ على هذا التحدي؟
رغم أنني كنت أعيش في مجتمع محافظ وفي ظل تقاليد صارمة، قررت أن أقتحم مجال الذكور لأثبت لأسرتي الصغيرة ومجتمعي الكبير أن البنت مثل الولد وربما تتفوق كثيرًا وتصبح مثلًا أعلى للتحدي.

هل شعرتِ بذلك وأنتِ تلتحقين بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري؟

نعم شعرت بذلك؛ لأنني كنت الفتاة الوحيدة في تلك الدفعة منذ التحاق أول فتاة وهي "مروة السلحدار" عام 2007، وأنا أقود الطابور الصباحي وأحمل السيف، وكنت أشعر وقتها برهبة شديدة وفى الوقت نفسه أتحمل آلام قدماي "المحشورتين" داخل هذا الحذاء الميري!

ألم تشعري برهبة تجاه تدريبات القبول مثل قفزة الثقة أو غيرها؟
إطلاقًا؛ إذ كان التحدي يشعرني بقوة إرادتي، فقط الطوابير كان بها بعض المشاكل.
ما الطريق الذي كنتِ تنوين الاتجاه إليه بعد التخرج؟
نفس التحدي كان يلازمني وهو أن أصبح ضابطًا بحريًا على سفينة "Tanker" وهي المهمة الصعبة والخطرة في آن واحد، فأنا أحب المغامرة، وبعد أن حصلت على شهادتي تواصلت مع شركات كبيرة؛ مصرية وغير مصرية، فكان الرد دومًا بالرفض، ومنها شركات كانت لا تقبل عمل الفتيات وشركات ترفض عمل المصريين، والغريب أن بعض هذه الشركات كان مصريًا!.
إذًا ماذا عملتِ لتكملي حلمك؟
أعمل حاليًا ضابطًا بحريًا "ثاني" على السفينة "عايدة 4" وعملت شهورًا في شركة "نما السعودية" لكنى ما زلت أحلم بالعمل على "Tanker".
هل كان الزواج عقبة أمام تحقيق هذا الحلم؟
بالعكس، تزوجت من زميل لي وهو قبطان، ويقوم حاليًا بالتدريس في الأكاديمية البحرية وكان معي على متن السفينة "عايدة 4"، وهو من أكبر الداعمين لحلمي ومساند لي، حتى إنني أعد الآن رسالة ماجستير بمساعدته حول "Safety &Ship Operation".

جومانا الخولي

بعد أن دخلتِ المجال البحري، ما رأيك في مشكلة البطالة بين خريجي الأكاديمية؟
كان لديّ اقتراح وهو أن تحصل الأكاديمية من الطالب الراغب في الالتحاق بها مبلغًا كبيرًا كرسوم وغيره، فماذا لو تم استقطاع مبلغ منه تحت بند شراء سفن "كارجو" للتدريب والتشغيل، خاصة أنه فى زمن Covid 19 أصبحت أسعار شراء السفن فرصة. أما الاقتراح الثاني، فهو رفع نسبة نجاح قبول الطلاب، حتى يكون منهم ذوو مهارات عالية لنحصل على كوادر فنية ذات كفاءة مثلما كانت الأجيال الأولى من خريجي الأكاديمية.
ألم تحلمي بأن يكون لدينا أسطول بحري تجاري؟
نعم أحلم مثل كل الخريجين الآن أن يكون لدينا أسطول بحري تجاري يرفع العلم المصري، وعلينا أن نستفيد من تجربة بنما وليبريا في رفع العلم، وأن يتم تعديل التشريعات بحيث يفرض على كل سفينة ترفع العلم المصري نسبة تشغيل للعمالة البحرية المصرية.

جومانا الخولي

توجد عدد من النقابات البحرية.. أين هي من البحارة المصريين؟
بعض النقابات تتناحر فيما بينها ولا تقدم أي خدمات للبحارة سوى إصدار الكارنيهات وفرض رسوم كبيرة عند التشغيل، فماذا لو اتحدت هذه النقابات لتعيد توفيق أوضاعها ويتم اختيار قيادات لها تعمل على توفير خدمات لأبنائها مثل أي نقابة؟

وهناك أيضًا ما يسمى "منتدى التشغيل البحري" التابع لكلية النقل البحري، وهو يحاول البحث عن فرص ومساعدة الخريجين، وكذلك منتدى لتمكين عمل المرأة في البحر والأمين العام له هي الدكتورة شيرين جلال؛ وهي تعمل في الوقت نفسه على تمكين خريجات كلية النقل البحري والعاملات في مجال البحر من فرص العمل.

بماذا تحلمين الآن؟
أحلم بأن ينتعش سوق النقل البحري بعد أن تنتهى تلك الجائحة وأن نعيد رسم موانئنا البحرية كموانئ ذكية مثل غيرها من الموانئ حول العالم، وأن يرتفع مستوى خريج الأكاديمية ويكون مؤهلًا للعمل مثل غيره من بحارة العالم، بأن يكون أكثر مهارة وتفانيًا وجادًا في عمله؛ حتى نعيد رسم الصورة المغلوطة التي رسمها البعض لدى أصحاب وملاك السفن والخطوط الملاحية Shipping Lines وشركات Offshore حتى إن يافطة "لا توجد فرص عمل للمصريين" تتصدر إيميلاتهم!.

اقرأ أيضًا: شيهانة العزاز.. اسم لامع في المجال القانوني ونموذج لنجاح المرأة السعودية