الإعلامية والأديبة المغربية «تورية لغريب»: أتوقع مزيدًا من الازدهار للمرأة السعودية وفقًا لرؤية 2030

ـ الأدب المغربي يشهد طفرة نوعية.. وساهم في الانفتاح العربي على الثقافة الأوروبية ـ الشعر العربي يشهد تراجعًا كبيرًا في معظم الدول العربية ـ العولمة سهّلت انتشار قيم جديدة بالمجتمعات العربية

حوار: مجدي صادق

تورية لغريب؛ إعلامية وشاعرة من مواليد الدار البيضاء بالمغرب، وهي عضو بالنقابة المغربية للفنانين المبدعين، وأهم دواوينها الشعرية "شظايا البلور".

درست "تورية لغريب" التكوين الصحفي وعلم النفس في جامعة الحسن الثاني كلية "عين الشق"، وفي حوارها لـ"الجوهرة"، أكدت تورية لغريب أنها تتوقع مزيدًا من الازدهار للمرأة السعودية وفقًا لرؤية 2030، مشيرة إلى أن العولمة سهلت اقتحام عوالم جديدة في ظل انتشار الرقمنة بمجتمعاتنا العربية.. وإلى نص الحوار:

ما موضع الأدب المغربي على خريطة الأدب العربي؟

لا يمكن الحديث عن الأدب العربي دون التعريف بالمكانة الكبيرة التي يحتلها الأدب المغربي في النسيج الثقافي العربي، فالعديد من الأعلام المغربية ساهمت بشكل كبير في التخلص من الفكر الكلاسيكي الذي لازم العقول طويلًا والوصول لمعانقة الحداثة أمثال: عبد الله كنون؛ محمد علال الفاسي؛ عبد الرحمن حجي، وغيرهم كثير.

وأهم الأمثلة على ذلك: كتاب "الأدب العربي في المغرب الأقصى" لمؤلفه الأديب محمد بلعباس القباج؛ والذي أورد فيه أهم رموز الأدب المغربي في الشعر الذين ساهموا في انفتاح كبير وشامل على الثقافة الأوربية المتصلة بقضايا آنية وحديثة في ذلك الوقت؛ ما جعل الأدب المغربي يشهد طفرة نوعية؛ بحيث أقدم طلبة جامعة القرويين في مدينة فاس على ترجمة أشعار إسبانية إلى اللغة العربية، وهو ما سطره التاريخ من خلال المشروع الكبير الذي تبناه العلامة "القباج"؛ معتبرًا إياه نافذة تطل على حداثة الفكر الإنساني والحضاري بالدرجة الأولى رغم الارتباط المتين بالسلفية المشرقية.

لماذا اتجهتِ إلى كتابة الشعر رغم أنك صحفية وإعلامية؟ وإلى أي مدرسة شعرية تنتمين؟ ولماذا؟

لا أجد في الأمر تعارضًا، فكوني كاتبة صحفية يتماشى مع كوني شاعرة أيضا على اعتبار أن الصفتين تلتقيان في القدرة على تحليل وسبر أغوار الظواهر الإنسانية أيًا كان نوعها، ولو أن لغة الصحافة ليست بالتأكيد لغة الشعر.

ولا أصنف نفسي في مدرسة شعرية معينة، وأدع لذوي الاختصاص من النقاد هذه المهمة، كل ما أستطيع قوله هو أنني أحبذ الشعر الحديث.

"شظايا البلور" هو ديوانك الأول.. في أي اتجاه تصوبين تلك الشظايا؟

هو عنوان له دلالة نفسية عميقة ومعبرة، كتبتُ معظم نصوصه في مرحلة انتقالية ومهمة في حياتي.

في أي اتجاه أصوب شظاياه؟ اصوبها باتجاه كل من يمتلك حسًا راقيًا وعمقًا في التفكير؛ حتى يتسنى له قراءة امرأة وُلدت من جديد اسمها "تورية لغريب".

هل يعيش الشعر العربي أزمة ما أو يتعرض لتخريب ممنهج مقصود مثلما قال الشاعر الراحل عمر أبو ريشة؟

من المؤكد أن الشعر العربي في معظم الدول العربية يشهد تقهقرًا كبيرًا، لكن وبعيدًا عن نظرية المؤامرة والافتقاد للعلمية في التحليل، لن أقول إن الشعر العربي يتعرض لتخريب ممنهج، بل سأقول إن الشعر كإبداع يعكس فلسفة وقناعات معينة للإنسان العربي الذي تعرضت هويته للمسخ وهنا الإشكال الرئيسي الذي يفسر ما جاء به سؤالك.

قيل إن القصيدة اليوم أصبحت قصة خرساء وأصابها ركود وانهيار.. هل تتفقين مع هذا الرأي؟ ولماذا وصل الشعر العربي لتلك المرحلة؟

اليوم هناك ركود وتفاهة بالنظر إلى مستوى الإبداع الشعري الهزيل شكلًا ومضمونًا، وهو الأمر الذي يدعونا للتساؤل: لماذا؟ أظن أن الأمر مرتبط بالعديد من العوامل التي يستحيل تلخيصها في عبارات، وسأكتفي بالإشارة إلى إهمال القراءة، التعاطي الخاطئ مع التكنولوجيا الحديثة.. إلخ.

كيف تصفين صاحبة الجلالة وما تعانيه الآن في ظل الرقمنة ووسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل تعيش أزمة حرية؟

صاحبة الجلالة حاليًا تعيش أرذل العمر، ويحدث أن أسأل نفسي: أين جلالة الصحافة في ظل سهولة الوصول للمعلومة، العزوف عن القراءة والسياسة.. إلخ؟

تورية لغريب

هل ترين أن ارتفاع نسبة الطلاق أو العزلة بين أفراد الأسرة الواحدة في البيوت العربية بسبب وسائل التواصل الاجتماعي؟

أظن أننا في مرحلة تاريخية صاخبة وانتقالية نحو قيم جديدة فرضتها ظروف العولمة والتطور التكنولوجي وغيره.. ومما لا شك فيه أن الصحافة تعاني، لكن رغم وسائل التواصل الاجتماعي وهذا الانفتاح الرهيب إلا أن الصحافة ما زالت تتربع على عرش قلوب جيل ما قبل الانترنت.

هل تُعد قضايا التحرش أو التنمر من نتائج انتشار تلك الوسائل؟

بالطبع يؤثر الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي وما يرافقه من استعمال خاطئ تأثيرًا سيئًا في الأسرة، خاصة الأسرة العربية التي تعرضت لـ "صدمة حضارية" -إن صح القول- بسبب الانتقال الصادم من موروث ثقافي يعج باللاءات والطابوهات إلى انفتاح وحرية بلا قيود، ولعل ارتفاع نسبة الطلاق بسبب مشاكل من هذا الجانب دليل على ما سبق، ولو أنني أكرر أنها أزمة هوية بالدرجة الأولى.

فالتحرش أو التنمر من المشاكل المرتبطة بالتنشئة الاجتماعية؛ ما يقودنا إلى التساؤل حول الظروف النفسية والاجتماعية التي أفرزت لنا هؤلاء المتحرشين أو المتنمرين، إن ما ينقصنا كعرب هو الكف عن تمثيل دور الضحية؛ فلسنا ضحايا تحول تكنولوجي صادم فقط بل نحن مسؤولون أيضًا عن عدم التصالح مع ذواتنا.

كيف ترين ما حصلت عليه المرأة السعودية من حقوق؟ وما تشهده المملكة العربية السعودية وفق رؤية 2030؟

شيء رائع أن تحقق المرأة السعودية مكتسبات، أراها جاءت متأخرة لكن المهم حاليًا أنها تعيش وضعًا أفضل على مستوى الحريات والممارسة، وأتوقع مزيدًا من الازدهار والرقي والوعي وفقًا لرؤية 2030، وهو ما يتطلب تظافر مجهودات كبيرة ودراسات علمية.

هل تستشعرين خطر غزو الثقافات الأخرى للثقافة العربية؟ وكيف نحميها من هذا المارد الذي يتربص بنا عبر وسائل التواصل؟

هناك غزو ثقافي للمجتمعات العربية وهو ليس بالأمر الجديد، إلا أن العولمة سهلت اقتحام قيم جديدة للمجتمعات العربية، بطريقة سلسة ومن خلال الجيل الجديد؛ ما يصنع تصادمًا بين جيل الآباء والأمهات وجيل الأبناء الذين ربما يتخلون يومًا ما عن جلابيب أسلافهن وينصهرون مع الثقافات الأخرى.

وكل ما يمكن للأسر فعله هو توجيه الأبناء والرقابة متى أمكنهم ذلك، مع انتهاج وسائل محببة ومقنعة؛ لحث الأبناء على التشبث بالعادات والتقاليد والقيم الجميلة.

اقرأ أيضًا: حوار| سوسن البهيتي: إنشاء دار الأوبرا أهم مبادرات المملكة للارتقاء بالفنون