تعد المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في المنطقة في مجال الرعاية الصحية، وقد أولت اهتمامًا كبيرًا بالطب الوقائي من خلال تبني مبادرات وخطط طموحة تهدف إلى تعزيز صحة المواطنين، وتحسين نوعية حياتهم. وفي هذا المقال نتعرف على اهمية الطب الوقائي. وما هو البرنامج الذي وضعته المملكة لمحاربة الأمراض المزمنة.
أهمية الطب الوقائي
الطب الوقائي هو نهج استباقي يركز على منع الأمراض بدلًا من علاجها. يهدف إلى تغيير العادات والسلوكيات الضارة التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والسمنة، وذلك من خلال:
- التغذية السليمة: تشجيع تناول الأطعمة الصحية والحد من الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية.
- ممارسة الرياضة بانتظام: تعزيز النشاط البدني كجزء من الروتين اليومي.
- التطعيم: حماية الأفراد من الأمراض المعدية.
وقد تتسبب الأمراض المزمنة بالوفاة المبكرة لـ ٩٠ ألف مواطن سنويًا في المملكة العربية السعودية، ويعد عدم استخدام الخدمات الوقائية (مثل الفحوصات المبكرة) من أهم المسببات لتلك الوفيات التي تزيد من الأعباء الصحية والاقتصادية على الفرد والمجتمع.
ومن الأسباب التي تمنع الأفراد من استخدام الخدمات الوقائية، التكلفة وعدم توفر مراكز الرعاية الأولية، وقلة الوعي بأهمية الفحوصات والعلاج المبكر. لذلك، اهتمت المؤسسات الصحية في المملكة بتوفير الخدمات الوقائية في مراكزها، وحرصت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بتدعيم عنصر الوقاية من الأمراض في صلب ركائز التحول الصحي، وبات من المهم توعية وحث الأفراد والمرضى على استخدام الخدمات الوقائية، بالإضافة إلى دعم السياسات والتشريعات التي ترفع من جودة الحياة.

الحملات الصحية في المملكة
أطلقت المملكة العربية السعودية العديد من الحملات الصحية الشاملة التي تهدف إلى توعية المجتمع بأهمية الطب الوقائي، ومن أبرز هذه الحملات:
- الحملة الوطنية للتغذية: تهدف هذه الحملة إلى تغيير السلوكيات الغذائية للأفراد من جميع الأعمار، وتشجيعهم على اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- الحملة الوطنية للنشاط البدني: تهدف هذه الحملة إلى زيادة الوعي بأهمية ممارسة الرياضة بانتظام، وتوفير بيئة داعمة للنشاط البدني في المجتمع.
- برامج التطعيم: تعمل المملكة على توفير برامج تطعيم شاملة للأطفال والكبار؛ ما يساهم في حمايتهم من الأمراض المعدية.
وهناك العديد من المؤسسات المجتمعية التي تتبنى الطب الوقائي ضمن عملها المؤسسي مثل وزارة الصحة وهيئة الصحة العامة “وقاية” والمجلس الصحي السعودي، مجلس الضمان الصحي، شركة الصحة القابضة ، جامعة الملك سعود، جامعة الملك خالد، جامعة الطائف، بالإضافة إلى ذلك جامعة الملك عبدالعزيز. فضلًا عن التعاون المشترك بين مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص المتمثل في مقدمي الخدمات الصحية وشركات الاستثمارات الصحية، وشركات التأمين وشركات الأدوية. ومن المؤسسات غير الربحية جمعية وعي والجمعية السعودية للوبائيات.
برنامج الطب الوقائي
وضعت المملكة العربية السعودية، برنامج الطب الوقائي الذي يهدف إلى المعرفة الشاملة والمهارات المعينة للسكان والمجتمعات عامة إلى جانب ما يتطلبه ذلك من مهارات طبية سريرية؛ بهدف منع حدوث الأمراض والإصابات والوفاة .كما يوظف أخصائي الطب الوقائي مهاراتهم في الطب والعلوم الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية لرفع حياة الفرد والعوائل والمجتمعات والسكان من خلال الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة.
أهداف البرنامج
- تعلم أساسيات وممارسات الطب الوقائي والصحة العامة وصحة السكان.
- كذلك تعلم محددات الصحة ومسببات تفاوت الرعاية الصحية بين المجتمعات وطرق علاج تلك الفروقات الصحية.
- بناء المهارات الأساسية في الصحة العامة، وتعزيز النظم الصحية، وتحسين الجودة وسلامة المرضى، والصحة السكانية.
- بناء المهارات الاكلينيكية والوقائية.
- تطوير المهارات التعاونية مع أصحاب المصلحة بهدف تحسين المخرجات الصحية.
- أيضًا تطوير المهارات البحثية لرفع جودة الحياة للمرضى والمجتمعات.
- تنمية المهارات القيادية في الصحة العامة وصحة السكان.
علاوة على ذلك، يضم البرنامج مجالات متعددة. حيث يتم تدريب الملتحقين به في 11 مدينة تدريبية، وتكون الدورات فيه إكلينيكية ونظرية. ومدة الدراسة فيه 4 سنوات.
ويعمل خريجوا البرنامج في القطاعات التي تهتم بالحفاظ على صحة الإنسان بالإضافة إلى ذلك حمايته من الأمراض والأوبئة، ويشمل ذلك العمل الإكلينيكي والبحثي والإحصائي، ويؤهل برنامج الطب الوقائي أطباءه ليكونوا قادة في المجال الصحي، متمكنين من المشاركة في اتخاذ قرارات تسهم في تحويل النظم الصحية إلى نظم مبنية على مبدأ الوقاية.

دور التوعية في نجاح الحملات الصحية
تلعب التوعية دورًا حيويًا في نجاح الحملات الصحية. كما يجب أن تكون الرسائل واضحة وموجزة ويتم إيصالها بطرق مبتكرة ومشوقة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
- وسائل الإعلام: استخدام التلفزيون والإذاعة والصحف والمواقع الإلكترونية لنشر الرسائل الصحية.
- المدارس: إدراج التوعية الصحية في المناهج الدراسية.
- المراكز الصحية: تقديم الاستشارات والتثقيف الصحي للمرضى.
- وسائل التواصل الاجتماعي: استخدام المنصات الرقمية للتواصل مع الجمهور المستهدف.
التحديات والفرص
على الرغم من الجهود المبذولة، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه برامج التوعية الصحية في المملكة، مثل:
- التغيرات في نمط الحياة: انتشار نمط الحياة المستقر وزيادة الاعتماد على الأطعمة المصنعة.
- العادات الغذائية الخاطئة: انتشار العادات الغذائية غير الصحية، مثل تناول الأطعمة الدهنية والمقلية.
- قلة الوعي بأهمية التطعيم: وجود بعض الاعتقاد الخاطئ حول فعالية وسلامة اللقاحات.
ومع ذلك، فإن هناك العديد من الفرص لتحسين الوضع، مثل:
- الشراكات بين القطاعين العام والخاص: تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتقديم خدمات صحية أفضل.
- الاستفادة من التكنولوجيا: استخدام التطبيقات الذكية والأجهزة القابلة للارتداء لتتبع الصحة واللياقة البدنية.
- تمكين المجتمع: تشجيع المشاركة المجتمعية في تصميم وتنفيذ البرامج الصحية.
الخلاصة
تعد المملكة العربية السعودية من الدول التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالصحة العامة، وقد حققت إنجازات كبيرة في مجال الطب الوقائي. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الجهد والتعاون بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع صحي وسعيد.