تاريخ أقنعة الوجه وعلاقتها بالموضة.. كيف يبدو العالم مع كورونا؟

فرضت علينا أزمة وباء كورونا التي اجتاحت العالم اتباع إجراءات صحية للوقاية من العدوى وحماية من حولنا؛ ومن أهم هذه الإجراءات: التباعد الاجتماعي واستخدام المطهرات وارتداء أقنعة الوجه والكمامات.

وفي هذا المقال، تستعرض الكاتبة «فيكتوريا ويسكر» كيفية تطور قناع الوجه (الكمامة) في عالم الأزياء، بدءًا من صوره في كتب التاريخ وصولًا إلى منصات عروض الأزياء.

لن تتوقف الموضة بسبب جائحة فيروس كورونا، فعندما نذهب إلى الخارج علينا أن ننظر معًا، وسنجد تغيرًا كبيرًا؛ حيث تم إعادة ابتكار أقنعة جراحية معقمة وأقنعة قطنية مع لمسة فنية؛ لترسيخها كقطعة جديدة من قطع ملابسنا.

بدأ تطور قناع الوجه «الكمامة» في وقت أبكر مما نعتقد، وبدأ كل شيء في القرن الثالث عشر؛ حيث تم تثبيت الحرير على فم الأباطرة الصينيين، وكانت هذه بداية المرسوم الاجتماعي الذي يركز على النظافة للطبقة الحاكمة.

اقرأ أيضًا: كيف تحمي نفسك داخل المنزل؟.. ومعلومات خاطئة عن الكمامة القماشية

تاريخ أقنعة الوجه

• تاريخ أقنعة الوجه

في عام 1918، عند ظهور جائحة الإنفلونزا الإسبانية، ارتدى الناس قناعًا من الشاش متعدد الطبقات على الفم كإجراء وقائي.

وأوضحت "لورا سبيني"؛ من صحيفة "إيكونوميك تايمز"، أنه حتى هذا الوقت، كانت الأقنعة تُستخدم في المقام الأول لحماية النفس، ولكن يجب تغطية وجهك وحماية الآخرين عندما يصبح المرض جزءًا لا يتجزأ من العادات الاجتماعية وعلامة على النظافة.

بعد تسعة عشر عامًا، في الصين، استخدمت الحكومة الموضة للترويج لأقنعة الوجه (الكمامات) في عروض أزياء الربيع.

وذكر "هوانغ وي"؛ الذي يعمل بمجلة "SixthTone"، أن البرامج التعليمية الأخرى التي تم إنتاجها تتيح تعليم ربات البيوت كيفية ربط أقنعة الوجه المصنوعة من الصوف لاستخدامها في فصل الشتاء، حتى إنهم استخدموا تأثير المشاهير الذين يرتدون أقنعة الوجه (الكمامات) لتشجيع المواطنين على ارتدائها. ومن ثم، تطور قناع الوجه من ضرورة صحية إلى ملحق أزياء، وأصبح في آسيا روتينًا مثل ارتداء حذائك قبل مغادرة المنزل.

وتم استخدام الموضة كأداة لتعزيز الفوائد الصحية لأقنعة الوجه (الكمامات) عبر التاريخ في إنجلترا، ففي القرن التاسع عشر ارتدت النساء حجابًا من الدانتيل يغطي وجههن؛ لأن الأبحاث اكتشفت أن البكتيريا تتشبث بجزيئات الغبار.

وفي الحرب العالمية الثانية تم ارتداء أقنعة الوجه كإجراءات وقائية ضد الضباب الدخاني المعلق فوق لندن، وبعد الحرب ارتدي بعض المشاهير (الكمامات)، مثل فرقة البيتلز، كترقية لتلك الأقنعة.

وفي كوريا الجنوبية، يُنظر إلى أقنعة الوجه بشكل كبير على أنها ملحق يومي؛ حيث لا يزال تلوث الهواء منتشرًا، ويتم الترويج لأقنعة الوجه الحديثة من قِبل المطربين والفرق الموسيقية، وتزينت وجوه نجوم البوب الكوري بأقنعة سوداء أو معلقة على أذن واحدة.

ولأقنعة الوجه (الكمامات) فوائد أخرى، مثل إخفاء الهوية أو إخفاء الوجوه المنتفخة بعد رحلات طويلة، وهي كانت بالفعل جزءًا من المعيار الثقافي؛ لذا فإن تحويل القناع الجراحي المعقم باللون الأزرق أو الأبيض إلى أسود أكثر أناقة أمرٌ شائع لنجوم البوب، وبالتالي تخدم الأقنعة غرضًا مزدوجًا في تحويل قناع الوجه إلى موضة نظرًا لاستخدامه اليومي.

• الموضة وتطور أقنعة الوجه

بدأت أقنعة الوجه بالظهور في عروض الأزياء الفاخرة في الألفية الحديثة، وبدأ هذا مع المصمم البريطاني "ألكسندر ماكوين" خلال مجموعته لعام 2010، وتبعه دار أزياء "جوتشي" الفاخرة التي صممت قناع الدانتيل الذي ارتدته مغنية البوب الأمريكية "بيلي إيليش" في حفل توزيع جوائز الغرامي لعام 2020.

وبسبب جائحة فيروس كورونا، تكيف البشر مع أقنعة الوجه كملحق مصمم متعدد الاستخدامات يمكن إقرانه مع الملابس اليومية أو حتى مع الملابس الرسمية مثل البدل، وبذلك نشأت عبارة "coronavirus couture".

ويتميز مصممو كوريا الجنوبية بالشعارات والرموز التعبيرية والزينة لرفع مستوى قناع الوجه المتواضع، وتتميز العلامة التجارية الكورية للملابس الرجالية "BreaThe Suit"، من تصميم المصمم "Kim Seor Young"، بأقنعة تناسب البدل، في حين أن العلامة التجارية "Greedilous"، التي صممها "Youn-Hee Park"، تتميز بطباعة جريئة مع عائدات تبرعت بها للأعمال الخيرية.

واستخدم المصمم الفيتنامي "Do Quyen Hoa" التطريز باللون الأحمر على قناع الوجه الأسود للتباين، وأعربت "فيكتوريا" عن أملها في تشجيع الأجانب على ارتداء الأقنعة وكسر وصمة العار التي يرتديها فقط الأشخاص المصابون بالأمراض.

وفي نيوزيلندا، يستخدم المصممون مهاراتهم في الخياطة لإنتاج أقنعة الوجه باستخدام قماش احتياطي لجذب المستهلكين، وترتدي العارضات أقنعة الوجه الكريمية اللؤلؤية المصممة من قِبل "Annah Stretton"، وأقنعة القماش "Monogram" ذات الشعارات الرأسية عبر الوجه المصممة من قِبل "Stolen Girlfriends 'Club".

اقرأ أيضًا: احذر.. ارتداء الكمامة بتلك الهيئة يجذب الفيروسات

ويرى الكثيرون أقنعة الوجه (الكمامات) كقطعة قماش فارغة للإبداع مع مطبوعات قابلة للتبديل أو قابلة للعكس أو متباينة أو كوسيلة للتواصل مع الطبيعة.

يذكر أن النقص في إمدادات الأقنعة الجراحية أدى إلى حجزها للعمال الأساسيين، ودفع تضخم الأسعار بسبب زيادة الطلب إلى شعبية أقنعة الوجه القطنية، وبجانب القدرة على تحمل التكاليف، تُعد أقنعة الوجه القطنية أيضًا أكثر صداقة للبيئة؛ نظرًا لتصميم القماش المصنوع من مواد مُعاد استخدامها.

تاريخ أقنعة الوجه

• علاقة أقنعة الوجه بالسياسة

نظر العالم باهتمام شديد إلى الأقنعة للوقاية من الأمراض والحرب الكيميائية والتلوث، ومع ذلك فهي متأصلة في الثقافة الآسيوية لدرجة أنها تسبب العنصرية؛ حيث تم تسليط الضوء على الصور النمطية في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية يظهر شخصًا من أصل آسيوي يرتدي قناعًا، ولكن تم تغييره عند الطلب لتقليل الوصمة السلبية التي يعاني منها الآسيويين الذين يرتدون الأقنعة.

من جانبه، قال الدكتور "سيوكسي وايلز"؛ عالم الأحياء الدقيقة، في مقابلة مع مركز الإعلام العلمي النيوزيلندي، "هناك أيضًا شيء يمكن قوله لكل من يرتدي قناعًا لتقليل الوصمة حول من المحتمل أن يكون مصابًا بالفيروس. فربما عندما ترتدي الأقنعة على نطاق أوسع يفسح الخوف المجال للإحساس بالانتماء للمجتمع؛ حيث إن ارتداء القناع هو علامة على الرعاية".

• الخلاصة

في عالم متباعد اجتماعيًا توفر أقنعة الوجه إحساسًا بالراحة في هذه الأوقات غير المستقرة، وسيتم كتابتها في روايات كثيرة تتحدث عن فيروس كورونا وآثاره في كتب تاريخنا.

وفي النهاية، أقنعة الوجه (الكمامات) هي قطع من القماش الفارغ المحتضن للإبداع؛ لذا، فسواء كان ذلك عبارة عن تصميم يدوي أو منتج لعلامة تجارية شهيرة، فإن الأقنعة هي رمز للتشابه بدلًا من الخوف.

اقرأ أيضًا: نصائح لحماية بشرتك من التهابات الكمامة