المرأة السعودية.. خطوات تاريخية نحو تنمية المجتمع

"المرأة السعودية وحقوقها" عبارة تردد صداها على المسامع لعدة عقود مضت سواء حسن نية أو لا، ولكن قبل الحديث عن ذلك لا بد من الإشارة إلى أن الدين الإسلامي كرّم المرأة ورفع شأنها ومنحها مكانة عالية تليق بإنسانيتها؛ حيث أنصفها وأعطاها حقوقها وأبرز دورها كأم وزوجة وأخت وابنة ولا غرابة في ذلك فهو دين العدل والمساواة.

والمرأة ذُكرت في القرآن الكريم 85 مرة، سواء بلفظ الجمع أو المثنى أو المفرد، وتحدث القرآن عن شؤونها في أكثر من عشر سور وسميت سورة في القرآن باسمها (سورة النساء)، وإن كانت هناك سورتان تُعرفان بسور النساء –الكبرى والصغرى- حيث تسمى سورة النساء بسورة النساء الكبرى بينما تُسمى سورة الطلاق بسورة النساء الصغرى.

والإسلام جعل الزوجين (الرجل والمرأة) شركاء في واجب العبودية لله وعامة التشريعات؛ من حيث الواجبات والحقوق، وكذلك شركاء في واجب عمارة الأرض، كما أنزل أحكامًا خاصة بالنساء وحدد لها عددًا من الواجبات والحقوق العامة والخاصة التي تتوافق مع فطرتها وطبيعتها كامرأة.

أما المرأة السعودية، فواجهت الكثير من التحديات خلال العقود الماضية، وهي في طريقها للانتقال من مرحلة غلبت عليها الذكورية والنظرة الخاطئة لدور المرأة إلى مرحلة أصبحت فيها المرأة شريكًا فعليًا وفاعلًا للرجل في بناء الوطن، ويعود السبب في المرحلة الأولى -في اعتقادي- إلى سيطرة بعض العادات والتقاليد المجتمعية فقط وليس القوانين والأنظمة.

المرأة السعودية

واليوم، وبعد أن تجاوزت المرأة السعودية تلك الحقبة الزمنية وتخطت هذه المعتقدات والأوهام التي حاصرت النصف الآخر من المجتمع وعطلت مشاركته في البناء والتنمية، فإن الواقع يثبت أن المرأة اليوم ليس كما كانت بالأمس البعيد، ويخطئ كل من يصور المرأة السعودية بأنها تلك السيدة القابعة في بيتها والمهمشة اجتماعيًا، الغائبة أو المغيبة عن دورها الاجتماعي والتنموي والاقتصادي.

فالمرأة السعودية أصبحت اليوم جزءًا أساسيًا من المنظومة الاجتماعية والاقتصادية والأدبية والتعليمية والتنموية وفي شتى المجالات، ومشاركًا فعالًا ومؤثرًا في التنمية البشرية؛ حيث استطاعت أن تخطو -خلال فترة وجيزة- خطوات تاريخية للأمام وأثبتت للجميع أنها قادرة على الاستفادة من تجارب الآخرين "المحلية والإقليمية والعالمية" وتطويرها؛ ويعود ذلك لإصرارها على أن تكون عنصرًا مهمًا ومساهمًا فعالًا في سير العملية التنموية ومشاركة للرجل في صناعة المستقبل وتطوير الأفكار والرؤى، منهية بذلك عصر تصنيف الأعمال، بل إنها غزت الكثير من الأعمال التي طالما سيطر عليها الرجل واحتكرها لنفسه وباتت الغلبة لها؛ حيث أصبحت أكثر إقدامًا وجرأة في خوض غمار الأعمال الحرة.

ففي القطاع العام، تبوأت المرأة الكثير من المناصب السياسية والاقتصادية والإدارية العليا وأثبتت جدارتها واستحقاقها لها؛ إذ إنها حازت على المؤهلات العلمية والخبرات العملية التي مكنتها من ذلك؛ فنجدها في منصب السفير ونائب الوزير ووكيلة الوزارة وعضو مجلس الشورى ورئيس الهيئات المالية الكبرى؛ ورئيس مجلس إدارة أحد أكبر البنوك والمصارف، وهي المعلمة وعضو هيئة التدريس والمربية الأمينة على أجيال الوطن.

هي الطبيبة الماهرة، والممرضة والصيدلانية العاملة في المجال الإنساني، وهي المهندسة المبدعة المشاركة في عمارة الوطن، وهي الصحفية والمذيعة والكاتبة والأديبة والناقدة المدافعة بالصوت والقلم والكلمة عن الوطن، وهي المحامية المناصرة لأصحاب الحق والمساندة للقضاء، وهي المحاسبة والإدارية الناجحة، وهي قائدة الطائرة، وهي رائدة الأعمال صاحبة المبادرات الفعالة، إذًا فهي الشريك الحقيقي المخلص في بناء الوطن.

لا أقول إن المرأة حصلت على كل ما تطالب به من حقوق ولست ضد مطالبتها بحقوقها التي كفلها لها الشرع والنظام، فالدور الذي يجب أن تلعبه في ميدان الحياة كبير ومتشعب وهي قادرة على تقديم الكثير للوطن متى سنحت لها الفرصة؛ لأنها محل للثقة والتقدير ومطلوب منها المبادرة والمشاركة وعدم انتظار الفرص أن تأتي إليها؛ ولكن على الجانب الآخر من حق المرأة السعودية على المجتمع "أفراد ومؤسسات" إبراز إسهاماتها وإنجازاتها على جميع الأصعدة وفي شتى المجالات والميادين، فإظهار مطالباتها فقط وتصويرها بالمهمشة المحرومة والاكتفاء بذلك يُعد ظلمًا وإساءة لها وهضمًا لدورها الفعال وإنجازاتها العظيمة.

محمد بن عبدالهادي الجهني مدرب تطوير عضو الهيئة العليا لتسوية الخلافات العمالية بمنطقة الرياض
 

اقرأ أيضًا... الدبلوماسية ​​​​​​​نوف بنت عبدالعزيز المعيذر تكتب: المرأة السعودية وثقة حكومتنا الرشيدة