المرأة أكثر عرضة للإصابة بها:"متلازمة التعب المزمن".. معركة الإرهاق المستمرة

لا يعتبر الإرهاق بعد يوم عمل شاق، أو استهلاك العقل في التفكير، دربًا من الخيال. إن الإنهاك مرض حقيقي؛ فالتعب المزمن هو رد فعل الجسم على جملة من العوامل العاطفية والجسدية.

لم يفهم العلم الحديث، متلازمة التعب المزمن المعروفة باسم Chronic Fatigue Syndrome، سواء من ناحية العوامل المسببة لها، أو معالم الإصابة بها، إلا أنه أكد وجودها؛ حيث تعتبر المرأة الأكثر عرضة للإصابة بها؛ نتيجة الإنهاك البدني، أو العقلي، وقدرتها العاطفية التي لا تساعدها على تجنُب الإعياء الحاد.

الأسباب والأعراض

أجمع الأطباء على بعض الأسباب لمتلازمة التعب المزمن، والتي شملت 4 عوامل، هي: الإصابة بفيروس ما، ضعف نظام المناعة لدى المرأة، خلل في الهرمونات، أو المعاناة من الإرهاق، بالإضافة إلى أن معدل إصابة المرأة يتضاعف مقارنة بالرجل.

تسبب متلازمة التعب المزمن إحساسًا من الإرهاق المستمر، الذي يمنع من القيام بالمهام المنزلية اليومية، وقد يصل الأمر إلى الشعور بالإعياء لمدة تتجاوز الشهور، والسنوات.

ورغم عدم اعتراف الكثير من الأطباء بمرض التعب المزمن؛ نتيجة عدم وجود فحوصات لتشخيصه، إلا أن البعض منهم أولى اهتمامًا خاصًا به؛ لتهديده حياة السيدات، خاصة في الأربعين من العمر.

المرأة ليست كسولة من جهتها، قالت الدكتورة دنيا وهبي؛ أخصائية المخ والأعصاب، في تصريحات خاصة لـ "الجوهرة"، إن متلازمة التعب المزمن، تؤثر بالسلب على صحة المرأة عامة، وقد يعتقدها البعض كسلاً، إلا إنها تعاني منه نتيجة الأعباء العملية، والنفسية، التي تواجهها يوميًا.

وأكدت الدكتورة دنيا أنه لا يوجد فحوصات للكشف عن التعب المزمن؛ لكن أعراض المتلازمة تتمثًل في الإحساس المستمر بالتعب، يصاحبه الشعور بالألم في العضلات، والرأس، والمفاصل، وقد ينتابها شعورًا بالوجع في العنق، مضيفة أنه في حالة خلود المراة للنوم، فإنها تعاني من الإرهاق فور الاستيقاظ، علمًا بأن المريض لا يراوده النوم بسهولة.

وأوضحت أخصائية المخ والأعصاب أن أعراض متلازمة التعب المزمن، تظهر عقب أي نشاط جسدي، أو ذهني، وهي ظاهرة منتشرة للغاية بين السيدات من 25 إلى 45 عامًا.

الاكتئاب يهدد حياتها

كشفت الدكتورة دنيا وهبي، عن خطورة الإصابة بمتلازمة التعب المزمن، قائلة: "إن أسوأ ما قد تصاب به المرأة بعد السرطان، يكون التعب المزمن؛ فهو ينتج عن عدة عوامل تتجسّد في معاناتها من التفكير المستمر، أو الإجهاد الجسدي الكبير، فنجد الأم تحاول أن تعطي كل وقتها لراحة أبنائها وأسرتها، الأمر الذي يجعل عقلها فريسة سهلة للأفكار بعد يوم مرهق في العمل، وهنا تصاب بعد فترة بالإرهاق، ومنه يأتي الخطر الأكبر وهو تعرضها للإصابة بالاكتئاب، وهنا، يجب أن نلجأ للتعامل مع أخصائي نفسي لتكتمل دورة العلاج".

وأضافت الدكتورة دنيا وهبي أن متلازمة التعب المزمن قد تظهر بعد الإصابة بنزلة برد أو إنفلونزا، لكنها تتطوّر حتى تصل إلى أشد مراحل الاكتئاب قسوة؛ فتولّد شعورًا لدى المرأة بالعجز، وعدم قدرتها على الاستمتاع بحياتها الطبيعية.

"تحتاج المرأة عند الإصابة بالتعب المزمن أو الاكتئاب إلى دعم الأسرة، ورغم كل الأعراض التي تسلبها قواها؛ فإنها تكون على استعداد لممارسة الرياضة، وهو الأمر الذي يشاركها فيه أحب الأشخاص إلى قلبها من المقربين حولها، فيمكنها أن تبدأ بالمشي بخطوات بسيطة، حتى تشعر بعودة النشاط، والحيوية إلى يومها، ويخفف من شعورها بالحزن أو الإرهاق"؛ وفقًا لِما أكدته أخصائية المخ والأعصاب.

واختتمت الدكتورة دنيا وهبي تصريحاتها، مؤكدة أن متلازمة التعب المزمن قد تزداد حدة _ في كثير من الأحيان _ نتيجة لحالة اكتئاب أو القلق التي تصيب المرأة؛ لذا فإن العلاج لا يكمن في الراحة الجسدية فقط، بل في الحفاظ على الراحة النفسية أيضًا، وهي التي تؤثر على الحالة المرضية للمرأة، ومن ثم، المتابعة الجيدة من الطبيب المختص، مع الاهتمام بالعلاج الطبيعي؛ حتى تعود إلى ممارسة الأنشطة مجددًا، الأمر الذي قد يدوم علاجه على مدار عامين أو أكثر.