"القهم".. سفاح المراهقات الصامت

يُعد "القَهْم" مرضًا نفسيًّا وعضويًّا في الآن ذاته.

تقول الدكتورة سهام سوقية، استشارية التغذية: "هناك بعض الاضطرابات التي تواجه المراهقين في عصرنا هذا؛ نتيجة الإعلانات التي تُروج للنحافة بوصفها عاملًا أساسيًّا للنجاح والجمال؛ لذا تحاول غالبية المراهقات والشابات، وبعض الشباب، بطريقة أو بأخرى، خسارة أوزانهم، بغض النظر عمّا إذا كانوا بحاجة إلى ذلك أم لا".

وكشفت "سوقية" أن الشباب، خلال رحلتهم لفقدان الوزن، يتعرضون لمشكلات خطيرة؛ نظرًا لغياب الثقافة الغذائية السليمة. ومن تلك المشكلات "القَهْم"، أو ما يُعرف بـ"فقدان الشهية العصابي"، وهو حالة نفسية تصيب الفتيات والشابات، تتمثل في الامتناع عن الطعام لفترة طويلة، وقد يصحبها قيء.

مرض قاتل

وأوضحت خبيرة التغذية أن الإصابة بالقَهْم ينتج عنها الهُزال الشديد، وانقطاع الطمث، وتبدلات كبيرة في الجسم، قد تنتهي بالموت.

الأسباب

وشددت "سوقية" على أن هذا المرض يصيب عادةً المراهقات، أي الفتيات في مرحلة البلوغ، إذ تبين أن التغيرات الجسدية لدى الفتاة، لا سيما اكتساب الوزن في منطقة الأرداف والحوض، هي أعراض لمرحلة البلوغ، الأمر الذي ترفضه الفتاة، فتعمد إلى الإضراب عن الأكل؛ حتى لا يزيد وزنها. ولكن هذا الإضراب عن الطعام تتبعه اضطرابات نفسية كبيرة.

العلاج

وعلاج المصابين بذلك يكون من خلال فريق متكامل الاختصاصات، يشمل "طبيب صحة مختص بعلم النفس"، و"طبيب تغذية". أما عن العلاج الغذائي للقهم، فتشدد استشارية التغذية على إقناع الفتاة بضرورة العلاج، الذي يتضمن زيادة كمية الطعام بشكل تدريجي وبطيء، بجانب تناول وجبات صغيرة عدة مرات في اليوم الواحد؛ لتفادي مشكلة الشبع في الوجبة الواحدة، علاوةً على إعطائها جرعة من الفيتامينات والأملاح المعدنية.

أعراض صامتة

تقول "سوقية": "إن أعراض المرض تبدأ بادّعاء الفتاة عدم شهيتها للطعام، وأنها بصحة جيدة، في حين أنها حقيقةً تتضور جوعًا، وعلى وشك الانهيار من شدة التعب والإرهاق".

وتحذر من أن بعض المصابات بهذا المرض قد يبدون بحالة طبيعية ووزن مناسب، مضيفةً: "إذا لم تعترف الفتاة بما تعانيه، فإن الأهل لن يلاحظوا شيئًا؛ لأن الشخص يعمد إلى تناول الطعام بشراهة سرًّا، بعيدًا عن الأنظار، ومن ثم يتعرضون للقيء؛ للمحافظة على أوزانهم، وهذه الأعراض تظهر بعد فترة الحرمان، ولها عواقب وخيمة على الصحة؛ إذ إن القيء يمكن أن يسبب التهابات في البلعوم والحنجرة واللثة، مع تسوّس وتآكل بالأسنان، إضافةً إلى فَقد الجسم للأملاح المعدنية الضرورية لعمل القلب، وقد يؤدي إلى التمزق في المريء والمعدة. ويعاني الشخص أيضًا احمرارًا في العينين، وكدمات على اليدين من شدة محاولة القيء، وهناك بعض الأشخاص يستعملون أدوية خطيرة لتسهيل المعدة".

العلاج بالحوار

ونبّهت "سوقية" إلى أن علاج الشرَه طبيًّا يتطلب مساعدة اختصاصي في علم النفس، بالإضافة إلى إخصائي تغذية، لافتةً إلى أنه "عادةً ما يدرك المريض خطورة أفعاله، لكنه يشكو من اكتئاب يُفقده السيطرة على إرادته، وهنا يمكن أن يرفض المريض أو المريضة العلاج، وفي هذه الحالة، على إخصائي التغذية أن يحاول مساعدته عن طريق الحوار". وتتابع: "إن مهمة اختصاصي التغذية تكمن في تثقيف المريض والأهل، وتعليمهم مبادئ التغذية السليمة، التي من خلالها يمكن خسارة الوزن دون الإحساس بالجوع، أو الحرمان".