الدكتورة سمر بنت جابر الحمود: تكريم الملك سلمان أمانة تدفعنا لتحقيق المزيد من الإنجازات

تسعى المرأة السعودية يوما تلو الآخر إلى تحقيق طموحها واللحاق بمصاف الدول المتقدمة، وهو ما نجحت فيه نساء المملكة بشهادة دولية، فمؤخرًا اختارت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية الطبيبة السعودية الدكتورة سمر بنت جابر الحمود؛ استشارية جراحة أورام القولون والمستقيم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، لرئاسة لجنة تحكيم أبحاث السرطان العالمية، التي تعد أعلى مرجعية عالمية في أبحاث السرطان.

وتعد "الحمود" أول رئيس يُعين في هذا المنصب من منطقة الشرق الأوسط، وتم اختيارها نظير جهودها المتميزة وخبرتها الكبيرة في هذا المجال، حيث تُعد من أوائل الجرّاحات الاستشاريات السعوديات في مجال جراحة القولون والمستقيم.. وفي حوارها لـ"الجوهرة"، توضح الطبيبة السعودية مكانة المملكة في مجال الأبحاث العلمية، وطرق الوقاية من "السرطان"، وكيفية الحد من انتشاره في وطننا العربي، فإلى نص الحوار:ـ

‏* بدايةً نود التعرف عليكِ عن قرب، مَن هي سمر الحمود؟

استشارية وبروفسوره سعودية، من أوائل الجراحات السعوديات في مجال جراحة "القولون والمستقيم"، حيث بدأت مسيرتي العلمية بالحصول على البورد السعودي والبورد العربي في الجراحة العامة، ثم زمالة جراحة القولون والمستقيم من بريطانيا، وزمالة البورد الأوروبي لجراحة القولون والمستقيم، مديرة برنامج تدريب الأطباء المقيمين في الجراحة العامة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث.

حصلت على لقب استشارية فخرية زائرة لدى مستشفى "سانت مارك" البريطاني العريق، وهو منصب لم يمنح لأي جراح عربي من قبل، بالإضافة إلى أنني عضو الهيئة الاستشارية للمركز الخليجي لمكافحة السرطان، ورئيسة اللجنة العالمية لتحكيم الأبحاث العلمية في الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، ومهتمة بمجال الكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم والوقاية وتعزيز الصحة، والرفع من مستوى الوعي لدى مختلف فئات المجتمع.

* لماذا اخترتِ التخصص في "جراحة أورام القولون والمستقيم" تحديدًا؟

عاملان مهمان ساهما في اختياري لهذا التخصص، وهما أن تخصص جراحة القولون والمستقيم يعتبر من التخصصات النادرة والدقيقة، وثانيًا لعدم وجود جراحات سعوديات في هذا المجال.

* من الذي مهد لكِ الطريق لتحقيق هذه النجاحات العلمية؟

عدة عوامل، بدءًا من حرص الأهل على توفير أفضل فرص التعليم ودعمهم الدائم لي خلال مسيرتي العلمية، وكذلك بذل الجهد والوقت وتحديد الأهداف والعزم على تحقيقها وإنجازها.

‏* حدثينا باختصار عن دور "جمعية الجرّاحات السعوديات"، وما هو سبب إنشائها وتوجهاتها؟

يعتبر تخصص الجراحة من التخصصات الدقيقة والصعبة، وهناك ندرة في عدد الجراحات السعوديات، وذلك بسبب وجود الكثير من التحديات والصعوبات في هذا المجال، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء جمعية الجراحات السعوديات، والتي بإذن الله جاري العمل على الانتهاء منها، بهدف دعم ومساندة المرأة في مجال الجراحة ومساعدتها على مواجهة الصعوبات، وتمكينها من مواصلة وتطوير مسيرتها المهنية، والتميز في مجالها والحصول على الفرص المناسبة في المناصب الأكاديمية والقيادية، بما يتوافق مع الرؤية الوطنية من تعزيز دور المرأة ومشاركتها في تقديم أفضل الخدمات الصحية. ‏ * كيف ترين مكانة المملكة في مجال الأبحاث العلمية، وما هي أهم مشاركاتكِ العلمية العالمية؟

أصبح للمملكة دور محوري ومهم في الأوساط العلمية الإقليمية والعالمية، وبالأخص في مجال الأبحاث، وهذا ما حرصت على إبرازه وتوضيحه من خلال العديد من المشاركات في صياغة عدة إصدارات وتوصيات إقليمية وعالمية تابعة لمنظمة الصحة العالمية في مجال مكافحة السرطان والوقاية منه، مثل: المشاركة مع عدة خبراء ضمن لجنة دراسة نتائج الأدلة والبراهين للوقاية والفحص المبكر لسرطان القولون التابعة لوكالة أبحاث السرطان لمنظمة الصحة العالمية، والتي حرصت على أن يتم إعلان هذه النتائج ولأول مرة من خلال المنتدى السعودي الدولي لأمراض القولون والمستقيم لعام 2018، حيث تم نشر ملخص لأهم نتائجها.

قمت بعمل شراكات ثنائية لأول مرة على المستوى الإقليمي، من خلال تنظيم عدد من المنتديات العلمية والمؤتمرات، بالتعاون مع عدد من المنظمات الصحية والمراكز الطبية العالمية في بريطانيا وفرنسا وأميركا الشمالية، بالإضافة للعديد من المشاركات الأخرى.

‏*ما هو دور لجنة التحكيم لأبحاث السرطان العالمية، وكيف وقع الاختيار عليكِ كرئيسة لها؟

تعقد اللجنة اجتماعاتها كل شهرين؛ لمناقشة واعتماد الأبحاث المرجعية العلمية الأساسية لأمراض السرطان، سواءً الأبحاث المخبرية أو السريرية أو الوبائية المقدمة لها من مراكز عالمية بالتعاون مع الوكالة الدولية لأبحاث السرطان لمنظمة الصحة العالمية، وهي الجهة المعتمدة لإصدار تقارير السرطان الدورية بما تحتويه من توصيات تحدد مواقف وتوجهات منظمة الصحة العالمية حول مسببات السرطان، ومدى انتشاره والخطط العالمية والإقليمية لمكافحته والوقاية منه.

وبفضل من الله، تلقيت دعوة رسمية من رئيس مجلس أمناء الوكالة؛ لاختياري رئيسة للجنة، كأول رئيس يشغل هذا المنصب من منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد انضمامي إلى عضوية اللجنة منذ ثلاثة أعوام كأول طبيبة سعودية تحظى بهذه العضوية.

‏*ما دور المملكة في دعم الأطباء والعلماء، ولماذا يُفضّل البعض الهجرة للعمل بالخارج؟

لقد استثمرت حكومتنا الرشيدة في أبنائها وبناتها من المواطنين، وذلك من خلال برامج الابتعاث إلى أفضل المراكز العالمية، وإتاحة فرص العمل وتهيئة مناخ العمل المناسب، والآن ومع أهداف رؤية 2030م من تطوير القطاع الصحي، هناك اهتمام وحرص على إزالة كل المعوقات والصعوبات التي تواجه العاملين في هذا القطاع والتي بالتأكيد سوف تقلل من نسبة الهجرة، بل على العكس سوف تساهم في استقطاب العديد من الكوادر الوطنية.

*هل فكرتِ بالعمل والاستقرار ببريطانيا عقب تخرجك؟

- بالفعل عُرضت علي عدة وظائف للعمل ببريطانيا، وبالرغم من أن العرض مُغرٍ كونك تصبح استشاريًا في أعرق المستشفيات أو تعمل عموما في بريطانيا؛ إلا أنني رفضت هذه الفرصة الثمينة، رغم تشجيع أهلي لي إذا رغبت في المواصلة، وقلت لهم: "أنا أؤمن برسالتي" وهي أن ابتعاثنا للتخصص والتدريب في هذا المجال الدقيق وفي أفضل المستشفيات هو استثمار فينا، لذلك كنت مؤمنة بأن أعود واستثمر في وطني، وواحد من هذه الاستثمارات كان مشاركتنا في إنشاء أول جمعية سعودية لجراحة القولون والمستقيم، والأهم إنشاء برنامج تدريب في هذا التخصص، وبحمد الله حتى الآن تم تخريج 17 استشاري واستشارية جراحة في هذا المجال الدقيق؛ ليعملوا في مختلف أنحاء المملكة.

‏* ما أهم أسباب الانتشار المخيف لمرض السرطان ببلادنا العربية؟

في الحقيقة، نسب الإصابة في ارتفاع ، ولكن ولله الحمد لا زالت أقل من دول الغرب.

وهناك عدة عوامل مختلفة ساهمت في ارتفاع هذه النسب، منها: "زيادة نسبة العمر، تلوث البيئة، التعرض للعوامل المسرطنة"، ولعل الأهم هو تغيير نمط الحياة والنظام الغذائي، مثل ارتفاع معدل السمنة، قلة النشاط البدني، التدخين، الإكثار من تناول اللحوم الحمراء والمعالجة وغيرها من الأسباب. ‏ * هل ترين أثرًا واضحًا للحملات التوعوية للكشف المبكر عن المرض؟

بالتأكيد ولله الحمد، حيث أصبح هناك تركيز واهتمام كبير من مختلف القطاعات على رفع مستوى الوعي الصحي، وتعزيز برامج التوعية والفحص المبكر، وتشجيع إتباع نمط صحي، وبالأخص مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت بشكل فعال للوصول إلى شريحة كبيرة من المجتمع في مختلف المناطق.

‏ما هو شعورك بعد تكريمك من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ بوسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى؟

شعور بالامتنان والشكر لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ علي هذه المكرمة الغالية، والتي تعكس رعايته ودعمه وتشجيعه لأبناء وبنات الوطن.

‏* من هو الشخص الذي تهديه هذا النجاح الذي حققتيه؟

الأهل، وبالأخص الوالدة والوالد.

* هل حقّقَتْ سمر الحمود كل طموحاتها في حياتها العملية، وما هي خططك المستقبلية في الحياة والعمل؟

نعم حققت المزيد من الإنجازات، وحصولي على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، يعتبر أمانة يجب الحفاظ عليها من خلال بذل المزيد من الجهد وتحقيق إنجازات تواكب طموحات الوطن. خططي المستقبلية تتمحور حول مجال الوقاية من السرطان، والآن أقوم بالعمل على تأسيس برامج الفحص المبكر لسرطان القولون والمستقيم.

‏*ما الذي ينقص المرأة السعودية لتكون قائدة في مجالها؟

المرأة السعودية ولله الحمد، تشهد حاليًا دعم وتمكين غير مسبوق، ولديها كافة الإمكانيات، ما جعلها تتولى أرفع المناصب، حيث أصبحت شريكة نجاح، فبها تتحقق نهضة المجتمع وتنمية الوطن.