باتت مهنة صناعة الطرابيش، أحد المهن المهددة بالإندثار، من أربعينات القرن الماضي، وصدور قرار منع ارتداء الطرابيش كونها تشير لعهدٍ بائد.
وكان ارتداء الطرابيش قبل هذا القرار إلزاميًا لجميع موظفي الدولة، ودليل على مكانة مرتديه وعلو شأنه.
وعلى الرغم من صدور مايقرب من 80 عامًا على قرار منع ارتداء الطربوش إلا أن صانعيها في مصر لا يزالون مُخلصين للمهنة، ويعملون بحب وتفانٍ لإنتاج الطرابيش كما في الماضي.
وعلى الرغم من ندرة الإقبال على الشراء، يجلس محمد إبراهيم؛ صانع طرابيش في الـ40 من عمره داخل ورشته بأحد شوارع منطقة الغورية بحي الحسين التاريخي، بإبتسامة رضا تغمر ملامح وجهه.
ومحمد إبراهيم يعد واحدًا من أشهر 2 من صُناع الطرابيش في مصر، والذين يقصدهم المئات من الزبائن، من محبي الطرابيش.
ويقول إبراهيم: “ورثت المهنة أبًا عن جد، والمهنة تعمل بها العائلة منذ مايزيد عن 150 عامًا، وأعمل بها منذ كنت بالعاشرة من عُمري”.
ويكشف صانع الطرابيش، أن غطاء الرأس الأشهر في القرن العشرين أصله تُركي، وكانت أزهى عصوره في عهد العثمانيين والفاطميين مرورًا بعهد محمد علي باشا، والملك فاروق.
وأشار إلى أن الطربوش كان أحد رموز الأناقة خلال عهد محمد علي، ومر “الطربوش” بمراحل مختلفة خلال تعاقب حكام وسلاطين وملوك مصر إلى أن صار ارتداؤه إجباريًا لكل موظفي الدولة، ومنهم القضاة ورجال الجيش والبوليس وطلاب الجامعات والمدارس.
وأوضح إبراهيم أن الطلب على الطرابيش يشهد تراجعًا حادًا، إلا أن مشايخ الأزهر الشريف وبعض المقرئين وأئمة وخطباء المساجد وبعض المحاضرين بجامعة الأزهر، ما زالوا يعتبرونه نوعًا من الوقار وبه يكتمل الزي الرسمي الخاص بمهنتهم، وفي بعض الأحيان نجد إقبالًا من بعض الفنانين الذين يحتاجون إليه للعب دور معين، وأيضا بعض الجرسونات في المقاهي.
وعن أسعار الطرابيش، يؤكد الأسطي إبراهيم أن الأسعار تبدأ من 20 جنيهًا وتصل إلى 250 جنيهًا، حال كانت القماشة المستخدمة غالية، مثل: “الجوخ”، وهو أجود أنواع الصوف القيمة، ويكون سعره 20 جنيهًا إذا كان مصنوعًا من قماش “الميلتون”، وهو قماش رقيق إلى حد ما ويتمزق سريعًا.
وأوضح صانع الطرابيش، أن نسبة الإقبال على الشراء انخفضت بشكل حاد، إضافة إلى ندرة الحرفي الذي يجيد هذه الصناعة، التي تتطلب الصبر وتعتمد على الحب والمهارة والفن والذوق، لأنها تتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين، وتمر بمراحل تصنيع متعددة، إضافة إلى الماكينة الخاصة التي يصنع عليها الطربوش يدويًا بشكل كامل، وتسمى “الوجاء”.
وأشار إبراهيم إلى أن هناك عدة أنواع من الطرابيش مثل “الأفندي”، وهو الطربوش التقليدي، و”العمامة” الخاصة برجال الأزهر، والطربوش المغربي الذي يتميز بقصره وطول زره المُتدلي، كما أن هناك أنُاسًا ما زالوا يرتدون الطربوش حتى الآن.