أزمة منتصف العمر.. خرافة أم حقيقة!

تواجه الكثير من السيدات وقتًا صعبًا عندما يبلغن الأربعين من العمر، وهو ما يشار إليه بمصطلح «أزمة منتصف العمر»، فقد يتزامن بلوغهن العقد الخامس مع الوصول إلى أزمة الهوية الذاتية، الأمر الذي يؤثر على الثقة بالنفس.

أزمة منتصف العمر

في حين لا يوجد دليل تجريبي يشير إلى أزمة منتصف العمر الشهيرة؛ إلا أن الظاهرة تعتبر نموذجية، وحدثت بالفعل للكثير من السيدات؛ حيث تمر الواحدة منهن بالعديد من التغييرات في الحياة، والضغوط التي تتسبب في الدخول إلى مرحلة الأزمة العاطفية.

الأزمة العاطفية

من جهته، يقول الدكتور روبي لودفيج؛ الطبيب النفسي ومؤلف كتاب «أفضل سن لديك»: «إننا نتطلع من بعض النواحي، إلى تلك الأزمة التي تحقق النبوءة التي تتمثل في ظهور أزمة عاطفية خلال المراحل المختلفة، وليس فقط في الأربعين من العمر».

وأكدت جنيفر ويكهام؛ المستشارة المهنية، أن تلك الأزمة تشترك في العديد من السمات المتطابقة، مثل: «الاكتئاب، أو الاعتراض على الوزن».

وتسرد الرابطة الأمريكية للطب النفسي أيضًا، إمكانية التفكير في زيادة الوزن، أو فقدانه، وهو أحد العوامل التخريبية التي تشير إلى إصابة المرأة بأزمة عاطفية، بينما لفتت «ويكهام» إلى ضرورة حدوث تلك التغييرات، ومن الجيد البحث عن الدعم الاحترافي المتمثل في شكل «معالج».

عندما تفقد المرأة كل الاهتمام، أو الشغف، أو الحماس بطريقة مفاجئة؛ خاصة تجاه الأشياء التي اعتادت أن تستمتع بها مسبقًا؛ فقد يكون ذلك علامة على أزمة تلوح في الأفق.

وتعتبر اللامبالاة درجة أكثر عمقًا وتعقيدًا من الأزمة؛ حيث يمكن أن تؤثر في مدى الاستعداد الشخصي لمساعدة المرأة نفسها، أو الجرأة في طلب المساعدة، علمًا بأن فقدان الولع بالحياة يعتبر تخريبًا ذاتيًا قاسيًا.

وعلى المرأة التي تشعر باللامبالاة أن تفكر في الأشياء الإيجابية بصفة يومية، واتخاذ إجراء حيال ذلك؛ لتشكل الحياة بالطريقة التي تريدها؛ فتبدأ حينها أن تتقدم بحزم إلى الأمام، وتترك الماضي للماضي.

يجب أن تسأل المرأة نفسها عن إمكانية شعورها بالغيرة من الآخرين، ومن ثم، الوقوع في فخ المقارنة باستمرار؛ فإذا كانت الإجابة بنعم، لابد وأن تعلم أنها على أعتاب أزمة صعبة، لن تجعلها الأكثر نجاحًا في حياتها.

وأن تتذكر أن كل شخص لديه تجارب حياتية مختلفة تمامًا عن الآخر، وهي التي تؤثر في قدراتنا، وفرص نجاحها في العمل، وفي الحياة الشخصية على حد سواء.

وأكد الخبراء، أنه عندما تجد المرأة نفسها تقضي وقتًا أطول في تحليل ماضي الآخرين؛ فإن الأمر يستنزف الكثير من مستقبلها، ما يؤثر في قراراتها العامة، واختياراتها في الحياة.

مشاكل جسيمة

ليس سرًا أن الصعوبات النفسية، يمكن أن تؤدي إلى مشاكل جسدية جسيمة، فضلًا عن المشاكل المعوية، والتي تعتبر استجابة جسمانية للإعياء النفسي، والتي أوضح بعض الخبراء أنها قد تكون «خرافات» لا أساس لها من الصحة، وتعد أزمة منتصف العمر ما هي إلا استجابة واستسلام للمرض النفسي الذي تعاني منه المرأة، والذي يستوجب استدعاء طبيب.

بدورها، لفتت الدكتورة الأمريكية يولاندا ريد شاسياكوس؛ المتخصصة في الطب النفسي، إلى إمكانية الإصابة بالصداع النصفي كبداية لأعراض الأزمة؛ ما يجعل المرأة تلجأ إلى الأدوية والوصفات الطبية لإيقاف الألم الشديد الذي تعاني منه؛ إلا أن الأمر يتخطى الإجهاد الجسدي؛ حيث إنه يكمن في الطبيعة النفسية التي تؤثر فيها بالسلب.

وقالت: إن أحد الأمور التي تواجه المرأة في هذه المرحلة العمرية، تتمثّل في الشعور بعدم الثقة في النفس، وأن الحياة لا قيمة لها، كما يمكن الاستجابة للنوم غير المنتظم، والتشكيك دائمًا حول إمكانية النجاح في العمل _ بمعنى آخر _ أي أنها تجد رغبة قوية في إعادة تقييم ذاتها يوميًا.

وعلى جانب آخر، فقد أكدت الطبيبة الأمريكية أنه يمكن الاستعانة بشعار «التأمل الذاتي» لوصف تلك المرحلة العمرية، والتي يمكن أن تكون إيجابية بشكل كبير؛ حيث إنها تساهم في التخلص من الأشياء السلبية، والأمور غير المهمة في الحياة.

أزمة مبكرة

«قد تكون مفاجأة كبرى عندما تعلمين أن هناك أزمة رُبع العمر»؛ هكذا أوضح الدكتور أندرو وليم؛ أخصائي علاج الأمراض النفسية، في تصريحاته الخاصة لـ«الجوهرة»، مؤكدًا أنه عندما تبلغ المرأة سن الـ25؛ فهي معرضة للعديد من الأزمات الحقيقية.

بداية جديدة

وأوضح الدكتور أندرو أن منتصف العقد الثالث من العمر يمثل بداية جديدة في حياة كل فتاة، ويبدأ تكوينها النفسي يتبلور بطريقة مختلفة؛ حيث يبدأ نضج المرأة في الظهور، وتختفي ملامح الطفلة البريئة؛ إلا في بعض الحالات، فلكل قاعدة العديد من الاستثناءات.

وتتميّز هذه الفترة بقدرة المرأة على التأمل الذاتي، والتعرف على مهاراتها بشكل أكبر؛ لكنها قد تقع فريسة الشك؛ بسبب عدم الوصول إلى طموح ما، أو خذلان ما بعد توقعات عالية، ومع كل هذه الأمور يبدأ فصلاً جديدًا من المعاناة، الأمر الذي قد يتفاقم ويصل إلى مرحلة الاكتئاب المزمن، وفي هذه الحالة، يجب التدخل بالعلاج السريع.

وفي النهاية، يظل عقل المرأة خاضعًا لمشاعرها النفسية في الكثير من الأحيان، بل إنه يؤثر بالضرورة في قدراتها الجسمانية؛ لذا فإن بدأت أعراض الأزمة العاطفية؛ لا بد وأن تبدئي في التفكير بالتحليق نحو أفق جديدة من عالم القناعة، والبحث عن المميزات التي تتواجد في حياتك باستمرار، وتقدير الأشخاص الذين يحبونك، وربما يتحوّل الأمر برمته إلى طاقة إيجابية، تدفع عجلة حياتكِ إلى الأمام.

اقرأ أيضًا: سر الشباب الدائم..7 طرق يابانية لمكافحة الشيخوخة