حوار: عبد الله القطان ــ جمال إدريس
من التأمل عبر عدسة مجهر “المايكروسكوب” للتدقيق في خلايا الجسم البشري، إلى التأمل في لوحات الفن التشكيلي للبحث في المشاعر والنفس البشرية، مرورًا بتشكيلها لوحات فنية تطوف بها دول العالم؛ رسمت الفنانة والطبيبة أحلام الشدوخي طريقها.
وبالرغم من تفوق “الشدوخي” ونجاحها في مجال الطب والأكاديمية، فإنها اختارت الاستثمار في طريق الفن والتشكيل؛ لتعطي “الروب” الأبيض والتدريس استراحة، وتمسك بفرشاة التلوين؛ لصنع عالم من الألوان يتحدث بكل اللغات ولكل الأعمار، فكان لـ”الجوهرة” معها هذا الحوار:
مَن هي الدكتورة والفنانة أحلام الشدوخي؟
أنا إنسانة طموحة محبة للجمال والحياة، وكل ما له علاقة بمجال الإبداع والعلم.
وفي هذه المرحلة من حياتي غالبًا ما أُعرّف نفسي كفنانة قبل أن أعرّفها كطبيبة، لأني أرغب في أن أنمي هذه الناحية من حياتي، وأعطتني إنجازاتي العلمية والطبية الكثير من السعادة، فقد مارست العمل الطبي لفترة طويلة وقطعت شوطًا كبيرًا فيه، واليوم تميل نفسي إلى تحقيق إنجاز في مجال الفن.
* كيف استطعتِ أن تجمعي بين الطب والفن؟
أعدت تقييم ميزاني بين ممارسة عملي في المستشفى وهوايتي الفنية، والتحقت بوظيفة أكاديمية؛ لكي أتفرغ أكثر للفن، ومعظم وقتي الحالي أخصصه للرسم، أما عن تخصصي الدراسي فقد حصلت على الزمالة الكندية وأثناء الدراسة تدربت على التشريح المطلوب لمعرفة أسباب الوفاة، وتخصصي تحديدًا في علم الأمراض.
من الذي مهد لكِ الطريق لتحقيق هذه النجاحات العلمية والفنية؟
اجتهدت كثيرًا لكي أحصل على الزمالة الكندية، والله وفقني بعائلة مشجعة لي وفخورة بكل إنجازاتي، ورباني والداي لكي أصبح طموحة، وكنت أنمي نفسي من صغري وأعلّم نفسي بقدر استطاعتي.
ما الأعراض التي يمكن من خلالها التعرف على الإصابة بالسرطان؟
هذا المرض أصبح -للأسف- أكثر انتشارًا، لأن عمر الإنسان في القرن الواحد وعشرين أطول، ويحدث هذا المرض دون مقدمات، أما كيف نكتشفه فذلك يتم عن طريق الوعي؛ فكلما نكبر تكبر الخلايا لدينا في العمر، لذلك أنصح بالكشف المبكر خصوصًا بعد سن الأربعين، خاصة بالنسبة للأشخاص المدخنين والأسر التي لديها إصابات سابقة بالسرطان.
هل يمكن أن يلعب الفن دورًا في التخفيف من آلام المرض ولو نفسيًا؟
الفن ليس محصورًا في الرسم فقط، فهناك الموسيقى والشعر والرقص وغيرها، وتعلمنا في الطب أن “واحد زائد واحد يساوي اثنين”، كما تعلمنا أن هناك تأثيرًا نفسيًا في تكوينات الخلية، مثل الصلاة والعبادة والدخول في حالة تأمل، ووجدنا أن جزءًا من الـ DNA الخاص بهؤلاء الأشخاص يتضاعف ويحمي الخلية من السرطان أو الالتهاب، والرسم والفن عمومًا يوصلك إلى مرحلة التأمل هذه.
لاحظنا تواجد خلايا الجسم البشري في لوحاتك، ما السبب؟
عندما بدأت الرسم لم أكن أرسم من أجل أن أصبح فنانة تشكيلية، بل كنت أرسم أثناء وقت الفراغ ولفترات طويلة، وذلك حتى أصل إلى مرحلة الاسترخاء، وبدأت أرسم لوحات تعبّر عن حالتي النفسية وحالتنا الاجتماعية، وبعدها دخلت إلى الواقعي لكي أتأكد من قدرتي على الرسم جيدًا، وبعدها قررت أن تكون لدي بصمة خاصة بي وأن أربط خبرتي الطويلة في التأمل من خلال الطب والمايكروسكوب وأنا أشاهد خلايا العضلات والمخ والرئة لمدة قد تتعدى 12 ساعة يوميًا.
وجدت أن الجسم البشري من الداخل عبارة عن لوحة جمالية كأنك تشاهد من خلالها وديانًا وجبالاً وطيورًا، وأخذت هذا القالب وطبقته في لوحاتي الفنية، والتي ربما توحي للمشاهد وهو ينظر إليها بأنها ورود أو بنات يرقصن وهكذا.
ما عدد مشاركاتكِ في المعارض الفنية؟
شاركت مرتين في معارض منفردة لي وحدي في الرياض عامي 2017 و2018، وكذلك معارض جماعية في الرياض ودبي وفرنسا وهونج كونج، وبيعت لي العديد من اللوحات، وأطمح في العديد من المشاركات القادمة.
كيف وجدتِ تدريس الطب وإدارة قسم الأمراض؟
التدريس مهنة إنسانية وجميلة جدًا، لأنها تعيدك إلى ذكريات جميلة أثناء الطفولة والدراسة الأولية عندما كنت طفلاً طموحًا، فقد أعود بطلابي إلى الوراء لكي يتعرفون على الأساسيات، وكذلك أصل بهم إلى ما هو بعيد لكي أحدثهم عن البحوث الحديثة، وأخبرهم بأن العلم أعمق من ذلك وهناك معانٍ مختلفة لذلك، فالتدريس هو فن بحد ذاته.
ما دور المملكة في دعم الأطباء والعلماء، ولماذا يفضّل البعض الهجرة للعمل بالخارج؟
من وجهة نظري فإن المشوار ما زال طويلًا ولكن لا تنقصنا القدرات، فهناك قدرات وطنية مميزة أتوقع بأن يكون لهم أثر واضح في بناء النظام الصحي، وتنقصنا مراكز أبحاث ودعم مالي للبحث، فمثلا لديّ عدة أبحاث تنتظر الموافقة منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب ضغط العمل على الأطباء المخولين بالموافقة عليها.
ما أهم أسباب الانتشار المخيف لمرض السرطان ببلادنا العربية؟
نسب السرطان في ازدياد في كل مكان، مع وجود بعض الاختلافات الجغرافية في النسب والنوعية.
هل ترين أثرًا واضحًا للحملات التوعوية للكشف المبكر عن المرض؟
أكيد، والوعي مهم جدًا والاكتشاف المبكر قد يساعد بإذن الله على الشفاء التام.
ما الذي ينقص المرأة السعودية لتكون قائدة في مجالها؟
لا ينقصها شيء، فهي قادرة وجاهزة على خدمة هذا الوطن الغالي والمشاركة في النمو، والآن لدينا الدعم الكامل من جميع قطاعات حكومتنا الرشيدة وقياداتنا الحكيمة.